الفصل الثاني: في الأحكام و فيه بحثان:
البحث الأوّل: في حكم الرجوع في الهبة.
اشارة
و فيه مطالب:
المطلب الأوّل: في الراجع.
مسألة ١٧: إذا وهب و أقبض،
فإن كان المتّهب أحد الأبوين، لم يكن للواهب الرجوع في الهبة عند علمائنا أجمع؛ لاشتماله على العقوق المحرّم فعله على الولد، و لأنّه ضدّ ما أمر به من مصاحبتهما بالمعروف(١).
و لقوله عليه السّلام: «الراجع في هبته كالراجع في قيئه»(٢) و الرجوع في القيء حرام، خصّ بما أجمع عليه فيما يأتي، فيبقى في الباقي على عمومه.
و إن كان المتّهب غير الأبوين، فإمّا أن يكون ذا رحم أو أجنبيّا، فإن كان ذا رحم فإمّا أن يكون ولدا أو غيره من ذوي الأرحام.
فإن كان ولدا، لم يكن للوالد أن يرجع فيما و هبه إيّاه، سواء كان ولدا حقيقة، كالولد للصلب، أو مجازا، كولد الولد و إن نزل، و سواء كان من الذكور أو الإناث، عند علمائنا - و به قال الثوري و أحمد في إحدى الروايتين و أصحاب الرأي و العنبري(٣) - لقوله عليه السّلام: «العائد في هبته كالعائد
١- سورة لقمان: ١٥.
٢- تقدّم تخريجه في ص ٢٩، الهامش (٥).
٣- الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢٢١:٢، المغني ٣٠٥:٦، الشرح الكبير ٦: