و الرواية الثانية: أنّ لها الرجوع فيما تهبه لزوجها؛ لقول عمر: إنّ النساء يعطين أزواجهنّ رهبة، فأيّما امرأة أعطت زوجها شيئا ثمّ أرادت أن تسترجعه فهي أحقّ به، و هذا قول شريح و الشعبي أيضا(١).
و عن أحمد رواية ثالثة: أنّ الزوجة إذا وهبت له مهرها، فإن كان قد سألها ذلك ردّه إليها، رضيت أو كرهت؛ لأنّها لا تهبه إلاّ مخافة غيظه و سخطه أو إضرار بأن يتزوّج عليها، و إن لم يكن سألها و تبرّعت به فهو جائز(٢).
فروع:
أ: قد بيّنّا(٣) أنّ أكثر العامّة جوّزوا للأب أن يرجع فيما وهبه لولده.
و شرط بعض الشافعيّة في ذلك أنّه إنّما يرجع إذا قصد بهبته استجلاب برّ أو دفع عقوق فلم يحصل غرضه، أمّا إذا لم يقصد ذلك و أطلق الهبة فلا رجوع له(٤) ، لكن المشهور عندهم الأوّل(٥).
و عن مالك: أنّه إذا رغب راغب في مواصلة الولد بسبب المال الموهوب٦.
١- الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢٢١:٢ و ٢٢٢، المغني ٣٢٩:٦-٣٣٠، الشرح الكبير ٣٠٩:٦، البيان ١٠٧:٨، مختصر القدوري: ١٢٥، المبسوط - للسرخسي - ٥١:١٢، روضة القضاة ٣٠٧٥/٥٢٣:٢، تحفة الفقهاء ١٦٧:٣، الفقه النافع ٧٤١/١٠١٥:٣، بدائع الصنائع ١٣٣:٦، الهداية - للمرغيناني - ٣: ٢٢٨، الاختيار لتعليل المختار ٧٤:٣.
٢- المغني ٣٣٠:٦، الشرح الكبير ٣٠٩:٦.
٣- في ص ٣٨ و ٣٩.
٤- الحاوي الكبير ٥٤٧:٧، نهاية المطلب ٤٤١:٨، حلية العلماء ٥٤:٦، البيان ١٠٦:٨، العزيز شرح الوجيز ٣٢٣:٦، روضة الطالبين ٤٤٠:٤.
٥- البيان ١٠٦:٨، العزيز شرح الوجيز ٣٢٣:٦.