و لو اتّخذ عرسا لابنه إمّا في ختان أو غيره و عمل دعوة فحملت إليه الهدايا و لم يذكر أصحابها أنّها للأب أو للابن، للشافعيّة وجهان:
أحدهما: أنّها للأب الذي اتّخذ الدعوة؛ لأنّ الخراج بالضمان.
و الثاني: للابن؛ لأنّ الدعوة اتّخذت لأجله و له(١).
و خادم الصوفيّة الذي يتردّد في السوق و يجمع لهم شيئا يملكه، و لا يلزمه الصرف إليهم، إلاّ أنّ المروءة تقتضي الصرف، لإخلادهم إليه، و لو لم يصرفه إليهم، كان لهم منعه من أن يظهر بالجمع لهم و الإنفاق عليهم، و إنّما ملكه لانتفاء ولايته عنهم و وكالته منهم، كيف! و ليسوا بمتعيّنين، بخلاف هدايا الختان، أمّا لو دفع إليه على أنّه يطعم أصحابه، لم يكن له الاختصاص.
البحث الثاني: العين الموهوبة.
مسألة ٤: كلّ عين يصحّ نقلها بالبيع يصحّ نقلها بالهبة؛
لأنّ الهبة تمليك ناجز كالبيع، و إنّما يفترقان في العوض و عدمه، فتصحّ هبة المشاع، كما يصحّ بيعه على الحدّ الذي يجوز بيعه فيه عند علمائنا أجمع - و به قال الشافعي و مالك و أحمد(٢) - لأنّ وفد هوازن لمّا جاؤا يطلبون من
١- العزيز شرح الوجيز ٣١٠:٦، روضة الطالبين ٤٣٠:٤.
٢- الأم ٦٢:٤، الحاوي الكبير ٥٣٤:٧، المهذّب - للشيرازي - ٤٥٣:١، نهاية المطلب ٤١١:٨، الوجيز ٢٤٩:١، الوسيط ٢٦٧:٤، حلية العلماء ٤٧:٦، التهذيب - للبغوي - ٥٢٩:٤، البيان ١٠٢:٨، العزيز شرح الوجيز ٣١٦:٦، روضة الطالبين ٤٣٤:٤-٤٣٥، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢: ١١٩٩/٦٧٤، المعونة ١٠٦٩:٣، بداية المجتهد ٣٢٩:٢، الإفصاح عن معاني
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يردّ عليهم ما غنمه منهم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «ما كان لي و لبني عبد المطّلب فهو لكم»(١) و هذا هبة المشاع.
و عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد جاءه رجل و معه كبّة(٢) من شعر، فقال: أخذت هذه من المغنم لأصلح برذعة لي، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «ما كان لي و لبني عبد المطّلب فهو لك»(٣).
و قال أبو حنيفة: هبة المشاع الذي يمكن قسمته لا تجوز، و إن كان ممّا لا يمكن قسمته صحّت هبته - و إذا وهب واحد من اثنين شيئا [ممّا ينقسم](٤) لم يجز عند أبي حنيفة و زفر، و جاز عند أبي يوسف و محمّد(٥) -٨،
١- مسند أحمد ٦٦٩٠/٣٨٢:٢، و ٦٩٩٧/٤٣٨، التاريخ الصغير - للبخاري - ١: ٣١، سنن النسائي (المجتبى) ٢٦٢:٦-٢٦٣، السنن الكبرى - للنسائي - ٤: ٦٥١٥/١٢٠-١، السنن الكبرى - للبيهقي - ٣٣٦:٦، و ٧٥:٩، الطبقات الكبرى - لابن سعد - ١١٤:١-١١٥، و ١٥٣:٢، تاريخ الطبري ٨٦:٣-٨٧، الكامل في التاريخ ٢٦٨:٢-٢٦٩.
٢- الصحاح ٥٠:٢، المغني ٢٨٥:٦، الشرح الكبير ٢٨٤:٦، مختصر اختلاف العلماء ١٨٣٧/١٣٩:٤، المبسوط - للسرخسي - ٦٤:١٢، روضة القضاة ٢: ٣٠٥٢/٥١٩، تحفة الفقهاء ١٦١:٣، بدائع الصنائع ١١٩:٦.
٣- سنن أبي داود ٢٦٩٤/٦٣:٣، سنن النسائي (المجتبى) ٢٦٢:٦-٢٦٤، السنن الكبرى - للنسائي - ١٢٠:٤-٦٥١٥/١٢١-١.
٤- بدل ما بين المعقوفين في «ص، ع»: «لم يقسم»، و كلاهما لم يرد في «ر» و الطبعة الحجريّة، و المثبت كما في المغني و الشرح الكبير.
٥- مختصر اختلاف العلماء ١٨٣٩/١٤٠:٤، مختصر القدوري: ١٢٤، المبسوط - للسرخسي - ٦٧:١٢، روضة القضاة ٥٢٣:٢ و ٣٠٨١/٥٢٤ و ٣٠٨٢، و ٣١١٨/٥٢٨، تحفة الفقهاء ١٦٢:٣-١٦٣، الفقه النافع ٧٣٨/١٠١٣:٣، بدائع الصنائع ١٢١:٦، الهداية - للمرغيناني - ٢٢٦:٣، حلية العلماء ٤٧:٦-٤٨،