الضمان، و كذا المستعير يبرأ إن اقتضت العارية الضمان بالقبض منه المأذون فيه.
و تجوز هبة المستأجر من المستأجر و غيره؛ لأنّ بيع المستأجر يجوز من المستأجر و غيره عندنا.
و عند الشافعيّة تجوز هبة المستأجر من غير المستأجر إن جوّزوا بيعه، و إلاّ ففيها وجهان(١).
قال بعض الشافعيّة: لو وكّل المتّهب الغاصب أو المستعير أو المستأجر بقبض ما في يده من نفسه و قبل، صحّ، فإذا مضت مدّة يتأتّى فيها القبض برئ الغاصب و المستعير من الضمان(٢).
و هذا يخالف أصلهم المشهور في أنّ الشخص الواحد لا يكون قابضا و مقبضا(٣).
و لو وهب غيره شيئا له في يده إمّا وديعة أو عارية أو غصب، فإن أذن له في القبض تمّت الهبة و لزمت.
و إن لم يأذن له في القبض إلاّ أنّه مضى زمان يمكن فيه القبض فهل يصير مقبوضا؟ للشافعي قولان(١).
و عن أحمد روايتان في اشتراط الإذن في القبض لما هو في يد المتّهب بغصب أو عارية أو وديعة، فقال في إحداهما بالاشتراط، كما تقدّم من مذهب الشافعي، و في الأخرى: تلزم الهبة من غير قبض و لا مضيّ مدّة يتأتّى القبض فيها(٢).٦.
١- حلية العلماء ٥١:٦، المغني ٢٨٠:٦، الشرح الكبير ٢٧٨:٦-٢٧٩.
٢- المغني ٢٨٠:٦، الشرح الكبير ٢٧٩:٦.
مسألة ٦: تصحّ هبة المجهول على الأقوى
- و به قال مالك و أحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّه تبرّع، فصحّ في المجهول، كالنذر و الوصيّة، و لأصالة الصحّة، و لانتفاء الغرر فيه.
و قال الشافعي: لا تصحّ هبة المجهول - و هو الرواية الثانية عن أحمد - لأنّه عقد تمليك لا يصحّ تعليقه بالشرط، فلم يصح في المجهول، كالبيع(٢).
و نمنع المشترك.
و قال بعضهم: الجهل إن كان في حقّ الواهب لم تصح الهبة؛ لأنّه غرر في حقّه، و إن كان من المتّهب صحّ، و لم يكن الجهل مانعا؛ لأنّه لا غرر في حقّه، فلم يعتبر في حقّه العلم بما يوهب له، كالموصى له(٣).
فإذا قال: و هبتك شاة من غنمي أو قطعة من هذا الثوب أو من هذه الأرض، صحّت الهبة مع القبول و القبض بعد أن يعيّن المالك ما شاء.
إذا عرفت هذا، فإنّه تصحّ البراءة من المجهول مطلقا - و به قال أبو حنيفة(٤) - لأنّ المانع من البيع و شبهه إنّما هو الغرر، فإذا رضي بالجملة
١- الإشراف على نكت مسائل الخلاف ١٢٠٩/٦٧٨:٢، بداية المجتهد ٣٢٩:٢، عقد الجواهر الثمينة ٩٧٩:٣، الذخيرة ٢٣١:٦ و ٢٤٣، المغني ٢٨٨:٦، الشرح الكبير ٢٨٦:٦، الوجيز ٢٤٩:١، البيان ١٠٣:٨، العزيز شرح الوجيز ٣١٦:٦، الإفصاح عن معاني الصحاح ٥٣:٢.
٢- الحاوي الكبير ٥٣٤:٧، المهذّب - للشيرازي - ٤٥٣:١، الوجيز ٢٤٩:١، التهذيب - للبغوي - ٥٢٩:٤، البيان ١٠٣:٨، العزيز شرح الوجيز ٣١٦:٦، روضة الطالبين ٤٣٥:٤، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ١٢٠٩/٦٧٨:٢، الذخيرة ٢٤٣:٦، الإفصاح عن معاني الصحاح ٥٣:٢، المغني ٢٨٨:٦، الشرح الكبير ٢٨٦:٦.
٣- المغني ٢٨٨:٦، الشرح الكبير ٢٨٦:٦.
٤- روضة القضاة ٣١٢٧/٥٢٩:٢، المغني ٢٩١:٦، الشرح الكبير ٢٨٠:٦.