الوصيّة إلى الفاسق المسلم - و به قال الشافعي و أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين(١) - لأنّ الفاسق ظالم، و الوصيّة إليه ركون إليه في أفعاله، فيكون منهيّا عنه؛ لقوله تعالى: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (٢).
و عن أحمد رواية أخرى: أنّها تصحّ الوصيّة إليه و يضمّ إليه أمين(٣).
و قال أبو حنيفة: تنعقد الوصيّة إليه، و إذا تصرّف نفذ تصرّفه، و يجب على الحاكم عزله؛ لأنّه بالغ عاقل، فصحّت الوصيّة إليه، كالعدل، و لأنّ المسلم محلّ للأمانة(٤) ، كما في الوكالة و الإيداع، و لأنّها ولاية تابعة لاختيار الموصي، فتتحقّق بتعيينه(٥).
و فرّق الشافعي بين الوصاية و الوكالة، حيث جوّز توكيل الفاسق دون الوصيّة إليه: بأنّ الوصاية في حقّ الغير، و في مثله في الوكالة تشترط العدالة أيضا، حتى لا يصحّ أن يوكّل الأب فاسقا في مال ولده، و لا يودع إلاّ عند٦.
١- الأم ١٢٠:٤، مختصر المزني: ١٤٦، الحاوي الكبير ٣٢٨:٨، المهذّب - للشيرازي - ٤٧٠:١، نهاية المطلب ٣٥١:١١، الوجيز ٢٨٢:١، الوسيط ٤: ٤٨٤، حلية العلماء ١٤٧:٦، التهذيب - للبغوي - ١٠٦:٥، البيان ٢٧٧:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٦٨:٧، روضة الطالبين ٢٧٣:٥، اختلاف الأئمّة العلماء ٢: ٧٤، المغني ٦٠٢:٦، الشرح الكبير ٦١٧:٦.
٢- سورة هود: ١١٣.
٣- اختلاف الأئمّة العلماء ٧٤:٢، المغني ٦٠٢:٦-٦٠٣ و ٦٠٤، الشرح الكبير ٦١٧:٦-٦١٨، حلية العلماء ١٤٧:٦، العزيز شرح الوجيز ٢٦٨:٧.
٤- - و سلاّر في المراسم: ٢٠٢، و ابن البرّاج في المهذّب ١١٦:٢، و ابن حمزة في الوسيلة: ٣٧٣.
٥- مختصر القدوري: ٢٤٢، المبسوط - للسرخسي - ٢٥:٢٨، الفقه النافع ٣: ١١٧٥/١٤١٠، البيان ٢٧٧:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٦٨:٧، اختلاف الأئمّة العلماء ٧٤:٢، المغني ٦٠٣:٦، الشرح الكبير ٦١٨:٦.