أقول : ولما رأيت أخبارا كثيرة تضمنت تخيير الإنسان فيما يقرؤه بعد الحمد في ركعتي الاستخارات هداني الله جل جلاله إلى أن تكون قراءتي في الركعتين كصلاة ركعتي الغفيلة بين العشاءين فإني وجدت المستشير لله جل جلاله كأنه في ظلمات في رأيه وتدبيره فيما يشاور الله جل جلاله فيه بالاستخارات فقرأت بعد الحمد في الركعة الأولى ـ ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) (١) أقول عند قوله جل جلاله ( وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) ما معناه يا أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين أنا في ظلمات فيما أستشيرك فيه فنجني كما وعدت إنك تنجي المؤمنين واكشف لي ذلك برحمتك على اليقين.
ثم أقرأ في الثانية بعد الحمد ( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) (٢).
ثم أقنت بعد هذه الآية وأقول اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت ثم أدعو أن يفتح الله لي عن هذا الغيب الذي أستشير (٣) فيه بما يكشف لي عن أسراره ودفع مضاره وحقيقة الخير فيه بألفاظ ما أؤثر ذكرها الآن فيدعو كل إنسان بما يفتح عليه صاحب الرحمة والإحسان جل جلاله وتقدس كماله.
__________________
(١) الأنبياء ٢١ : ٨٧ ، ٨٨.
(٢) الأنعام ٦ : ٥٩.
(٣) في « د » : أستخير.