وملوك الأمم ما سمّي أبو جعفر عليهالسلام لأجله باقر العلم.
وروى عن الصادق عليهالسلام في أبوابه من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان ، وصنّف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب هي معروفة بكتب الأصول ، رواها أصحابه وأصحاب أبيه من قبله ، وأصحاب ابنه أبي الحسن موسى عليهمالسلام ، ولم يبق فنّ من فنون العلم إلاّ روي عنه عليهالسلام فيه أبواب.
وكذلك كانت حال ابنه موسى عليهالسلام من بعده في إظهار العلوم ، إلى أن حبسه الرشيد ومنعه من ذلك.
وقد انتشر أيضا عن الرضا وابنه أبي جعفر عليهماالسلام من ذلك ما شهرة جملته تغني عن تفصيله.
وكذلك كانت سبيل أبي الحسن وأبي محمد العسكريّين عليهماالسلام ، وإنّما كانت الرواية عنهما أقلّ لأنّهما كانا محبوسين في عسكر السلطان ، ممنوعين من الانبساط في الفتيا ، وأن يلقاهما كلّ أحد من الناس.
وإذا ثبت بما ذكرناه بينونة أئمّتنا عليهمالسلام ـ بما وصفناه ـ عن جميع الأنام ، ولم يمكن لأحد أن يدّعي أنّهم أخذوا العلم عن رجال العامّة ، أو تلقّوه من رواتهم وفقهائهم ، لأنّهم لم يروا قطّ مختلفين إلى أحد من العلماء في تعلّم شيء من العلوم ، ولأنّ ما اثر عنهم من العلوم أكثره لم يعرف إلاّ منهم ، ولم يظهر إلاّ عنهم ، وعلمنا أنّ هذه العلوم بأسرها قد انتشرت عنهم ، مع غناهم عن سائر الناس ، وتيقّنّا زيادتهم في ذلك على كافّتهم ، ونقصان جميع العلماء عن رتبتهم ، ثبت أنّهم أخذوها عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصّة ، وأنّه قد أفردهم بها ليدلّ على إمامتهم بافتقار الناس إليهم فيما يحتاجون إليه ، وغناهم عنهم ، وليكونوا مفزعا لامّته في الدين ، وملجأ لهم في الأحكام ، وجروا في هذا التخصيص مجرى النبيّ صلّى