ثابتة فمن الذي يقيمها والامام مستتر غائب؟
الجواب : الحدود المستحقّة ثابتة في جنوب ( الجناة بما ) (١) يوجبها من الأفعال ، فإن ظهر الإمام ومستحقّوها باقون أقامها عليهم بالبيّنة أو الإقرار ، وإن فات ذلك بموتهم كان الإثم في تفويت إقامتها على المخيفين للإمام ، المحوجين إيّاه إلى الغيبة.
وليس هذا بنسخ لإقامة الحدود ، لأنّ الحدّ إنّما تجب إقامته مع التمكّن وزوال المانع ، وسقوط فرض إقامته مع الموانع وزوال التمكّن لا يكون نسخا للشرع المتقرّر ، لأنّ الشرط في الوجوب لم يحصل ، وإنّما يكون ذلك نسخا لو سقط فرض إقامتها عن الإمام مع تمكّنه.
على أنّ هذا أيضا يلزم مخالفينا إذا قيل لهم : كيف الحكم في الحدود في الأحوال التي لا يتمكّن فيها أهل الحلّ والعقد من اختيار الإمام ونصبه؟ وهل تبطل أو تثبت من تعذّر إقامتها؟ وهل يقتضي هذا التعذّر نسخ الشريعة؟
فكلّ ما أجابوا به عن ذلك فهو جوابنا بعينه.
مسألة رابعة : فإن قالوا : فالحقّ مع غيبة الإمام كيف يدرك؟
فإن قلتم : لا يدرك ولا يوصل إليه ، فقد جعلتم الناس في حيرة وضلالة مع الغيبة.
وإن قلتم : يدرك الحقّ من جهة الأدلّة المنصوبة (٢) عليه فقد صرّحتم بالاستغناء عن الإمام بهذه الأدلّة ، وهذا يخالف مذهبكم.
الجواب : انّ الحقّ على ضربين عقليّ وسمعيّ ، فالعقليّ يدرك بالعقل ، ولا يؤثر فيه وجود الإمام ولا فقده.
والسمعىّ عليه أدلّة منصوبة من أقوال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) في نسخنا : جناة بما ، ولعله تصحيف ، واثبتنا ما رأيناه صوابا.
(٢) في نسخة « م » : المنصوص بها.