بعث المأمون إليه في الركوب إلى العيد والصلاة بالناس والخطبة بهم ، فبعث إليه الرضا عليهالسلام : « قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول الأمر ، فاعفني عن الصلاة بالناس ».
فقال له المأمون : إنّي اريد أن تطمئنّ قلوب الناس ويعرفوا فضلك.
ولم يزل الرسول يتردّد بينهم في ذلك ، فلمّا ألحّ عليه المأمون أرسل عليهالسلام إليه : « إن أعفيتني فهو أحبّ إليّ ، وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين عليهالسلام ».
فقال المأمون : اخرج كيف شئت.
وأمر القوّاد والناس أن يبكروا إلى باب الرضا عليهالسلام ، فقعد الناس لأبي الحسن في الطرقات والسطوح ، واجتمع النساء والصبيان ينتظرون خروجه ، وصار جميع القوّاد والجند إلى بابه ، فوقفوا على دوابّهم حتّى طلعت الشمس ، فاغتسل أبو الحسن عليهالسلام ، ولبس ثيابه ، وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن ، ألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه ، ومسّ شيئا من الطيب ، وأخذ بيده عكّازة وقال لمواليه : « افعلوا مثل ذلك ».
فخرجوا بين يديه وهو حاف ، قد شمّر سراويله إلى نصف الساق ، وعليه ثياب مشمّرة ، فمشى قليلا ورفع رأسه إلى السماء وكبّر وكبّر مواليه معه ، ومشى حتّى وقف على الباب ، فلمّا رآه القوّاد والجند في تلك الصورة سقطوا كلّهم إلى الأرض ، وكان أحسنهم حالا من كان معه سكّين قطع بها شرابة چاچيلته (١) ونزعها وتحفّى ، وكبّر الرضا عليهالسلام على الباب وكبّر الناس معه ، فخيل إلينا أنّ السماء والحيطان تجاوبه.
وتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج لمّا رأوا أبا الحسن عليهالسلام
__________________
(١) الچاچله : كلمة فارسية تطلق على الحذاء المصنوع من الجلد « انظر : لغت نامه ١٦ : ١٣ ».