وسمعوا تكبيره ، وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين : يا أمير المؤمنين ، إن بلغ الرضا المصلّى على هذا السبيل افتتن به الناس وخفنا كلّنا على دمائنا ، فأنفذ إليه أن يرجع فبعث إليه المأمون : قد كلّفناك شططا وأتعبناك ، ولست احبّ أن تلحقك مشقّة ، فارجع وليصلّ بالناس من كان يصلّي بهم على رسمه ، فدعا أبو الحسن عليهالسلام بخفّه فلبسه وركب ورجع ، واختلف أمر الناس في ذلك اليوم ولم تنتظم صلاتهم (١).
وروى عليّ بن إبراهيم ، عن ياسر قال : لمّا عزم المأمون على الخروج من خراسان إلى بغداد خرج معه ذو الرئاستين وخرجنا مع أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، فورد على الفضل كتاب من أخيه الحسن بن سهل ونحن في بعض المنازل : إنّي نظرت في تحويل السنة فوجدت فيه أنّك تذوق في شهر كذا يوم الأربعاء حرّ الحديد وحرّ النار ، وأرى أن تدخل أنت وأمير المؤمنين والرضا الحمّام في هذا اليوم وتحتجم فيه وتصبّ على بدنك الدّم ليزول عنك نحسه.
فكتب ذو الرئاستين بذلك إلى المأمون وسأله أن يسأل أبا الحسن في ذلك ، فكتب إلى الرضا عليهالسلام يسأله فيه ، فأجابه : « لست بداخل الحمّام غدا » فأعاد عليه الرقعة مرّتين ، فكتب إليه أبو الحسن عليهالسلام : « إنّي رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه الليلة فقال لي : يا عليّ لا تدخل الحمّام غدا ، ولا أرى لك يا أمير المؤمنين ولا للفضل أن تدخلا الحمّام ».
فكتب إليه المأمون : صدقت يا أبا الحسن وصدق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولست بداخل الحمّام غدا ، والفضل أعلم.
__________________
(١) الكافي ١ : ٤٠٨ ، ارشاد المفيد ٢ : ٢٦٤ ، وباختلاف يسير في : عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٥٠ / ذيل حديث ٢١ ، روضة الواعظين : ٢٢٧ ، وباختصار في : المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٣٧١ ، كشف الغمة ٢ : ٢٧٨.