الآخرة وذكر الحساب يوم الدين : أو التعمق في الطعن في آيات الله المذكرة ليوم الحساب المبشرة المنذرة ، وبالتلبس بهذه الصفات الاربعة ، وهي ترك الصلوة لله وترك الانفاق في سبيل الله والخوض وتكذيب يوم الدين ينهدم أركان الدين ، وبالتلبس بها تقوم قاعدته على ساق فان الدين هو الاقتداء بالهداة الطاهرين بالاعراض عن الاخلاد إلى الارض والاقبال إلى يوم لقاء الله وهذان هما ترك الخوض وتصديق يوم الدين ولازم هذين عملا التوجه إلى الله بالعبودية ، والسعي في رفع حوائج جامعة الحيوة وهذان هما الصلوة والانفاق في سبيل الله ، فالدين يتقوم بحسب جهتي العلم والعمل بهذه الخصال الاربع ، وتستلزم بقية الاركان كالتوحيد والنبوة إستلزاما هذا ، فأصحاب اليمين هم الفائزون بالشفاعة ، وهم المرضيون دينا وإعتقادا سواء كانت أعمالهم مرضية غير محتاجة إلى شفاعة يوم القيامة أو لم تكن ، وهم المعنيون بالشفاعة ، فالشفاعة للمذنبين من اصحاب اليمين ، وقد قال تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) النساء ـ ٣١ ، فمن كان له ذنب باق إلى يوم القيامة فهو لا محالة من إهل الكبائر ، إذ لو كان الذنب من الصغائر فقط لكان مكفرا عنه ، فقد بان أن الشفاعة لاهل الكبائر من أصحاب اليمين ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنما شفاعتي لاهل الكبائر من امتي فاما المحسنون فما عليهم من سبيل ، الحديث.
ومن جهة اخرى إنما سمى هؤلاء بأصحاب اليمين في مقابل أصحاب الشمال وربما سموا أصحاب الميمنة في مقابل أصحاب المشئمة ، وهو من الالفاظ التي اصطلح عليه القرآن مأخوذ من إيتاء الانسان يوم القيامة كتابه بيمينه أو بشماله ، قال تعالى : ( يوم ندعوا كل اناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) أسرى ـ ٧٢ ، وسنبين في الآيه إن شاء الله تعالى أن المراد من إيتاء الكتاب باليمين إتباع الامام الحق ، ومن إيتائه بالشمال إتباع إمام الضلال كما قال تعالى في فرعون : ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ) هود ـ ٩٨ ، وبالجملة مرجع التسمية بأصحاب اليمين أيضا إلى إرتضاء الدين كما أن إليه مرجع التوصيف بالصفات الاربعة المذكورة هذا.
ثم إنه تعالى قال في موضع آخر من كلامه : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )