تعالى : ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) آل عمران ـ ٧.
٣ ـ فيمن تجري الشفاعة ؟
قد عرفت ان تعيين المشفوع لهم يوم القيامة لا يلائم التربية الدينية كل الملائمة الا أن يعرفوا بما لا يخلو عن شوب ابهام وعلى ذلك جرى بيان القرآن ، قال تعالى : ( كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) المدثر ـ ٤٨ ، بين سبحانه فيها ان كل نفس مرهونة يوم القيامة بما كسبت من الذنوب مأخوذه بما اسلفت من الخطايا إلا أصحاب اليمين فقد فكوا من الرهن واطلقوا واستقروا في الجنان ، ثم ذكر انهم غير محجوبين عن المجرمين الذين هم مرهونون باعمالهم ، مأخوذ عليهم في سقر ، يتساءلون عنهم سلوكهم في النار ، وهم يجيبون بالاشارة إلى عدة صفات ساقتهم إلى النار ، فرع على هذه الصفات بأنه لم ينفعهم لذلك شفاعة الشافعين.
ومقتضى هذا البيان كون أصحاب اليمين غير متصفين بهذه الصفات التي يدل الكلام على كونها هي المانعة عن شمول الشفاعة ، وإذا كانوا غير متصفين بهذه الصفات المانعة عن شمول الشفاعة وقد فك الله تعالى نفوسهم عن رهانة الذنوب والآثام دون المجرمين المحرومين عن الشفاعة ، المسلوكين في سقر ، فهذا الفك والاخراج إنما هو بالشفاعة فأصحاب اليمين هم المشفعون بالشفاعة وفي الآيات تعريف اصحاب اليمين بإنتفاء الاوصاف المذكورة عنهم ، بيان ذلك : أن الآيات واقعة في سورة المدثر وهي من السور النازلة بمكة في بدء البعثة كما ترشد إليه مضامين الآيات الواقعة فيها ، ولم يشرع يومئذ الصلوة والزكوة بالكيفية الموجودة اليوم ، فالمراد بالصلوة في قوله لم نك من المصلين التوجه إلى الله تعالى بالخضوع العبودي ، وباطعام المسكين مطلق الانفاق على المحتاج في سبيل الله ، دون الصلوة والزكوة المعهودتين في الشريعة الاسلامية والخوض هو الغور في ملاهي الحيوة وزخارف الدنيا الصارفة للانسان عن الاقبال على