الثالث : أن الارض وفيه الناس ، لا تخلو عن إمام حق.
الرابع : أن الامام يجب أن يكون مؤيدا من عند الله تعالى.
الخامس : أن أعمال العباد غير محجوبة عن علم الامام.
السادس : أنه يجب أن يكون عالما بجميع ما يحتاج إليه الناس في امور معاشهم ومعادهم.
السابع : أنه يستحيل أن يوجد فيهم من يفوقه في فضائل النفس. فهذه سبعة مسائل هي امهات مسائل الامامة ، تعطيها الآية الشريفة بما ينضم إليها من الآيات والله الهادي.
فان قلت : لو كانت الامامة هي الهداية بأمر الله تعالى ، وهي الهداية إلى الحق الملازم مع الاهتداء بالذات كما استفيد من قوله تعالى : ( أفمن يهدي إلى الحق إحق أن يتبع الآية ) كان جميع الانبياء أئمة قطعا ، لوضوح أن نبوة النبي لا يتم إلا باهتداء من جانب الله تعالى بالوحى ، من غير أن يكون مكتسبا من الغير ، بتعليم أو إرشاد ونحوهما ، حينئذ فموهبة النبوة تستلزم موهبة الامامة ، وعاد الاشكال إلى أنفسكم.
قلت : الذي يتحصل من البيان السابق المستفاد من الآية أن الهداية بالحق وهي الامامة تستلزم الاهتداء بالحق ، وأما العكس وهو أن يكون كل من اهتدى بالحق هاديا لغيره بالحق ، حتى يكون كل نبي لاهتدائه بالذات إماما ، فلم يتبين بعد ، وقد ذكر سبحانه هذا الاهتداء بالحق ، من غير أن يقرنه بهداية الغير بالحق في قوله تعالى : ( ووهبنا له إسحق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ، ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزي المحسنين. وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ، وإسمعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين. آبائهم وذرياتهم واخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم. هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ، ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون. أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. اؤلئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده ) الانعام ـ ٩٠ ، وسياق الآيات كما ترى يعطي أن هذه الهداية أمر ليس من شأنه أن يتغير ويتخلف ، وأن هذه الهداية لن ترتفع بعد رسول الله عن أمته ، بل عن ذرية إبراهيم منهم خاصة ، كما يدل