فقد كان الكلبيون من قدماء اليونان ـ على ما ينقل ـ على هذه المسلك ، وكذا المزدكيون ( وهم أتباع مزدك الذي ظهر بايران على عهد كسرى ودعا إلى الاشتراك ) كان عملهم على ذلك ، ويعهد من بعض القبائل الوحشية بإفريقية وغيرهم.
وكيف كان فهو مسلك فاسد والحجة التي اقيمت على هذه النظرية فاسدة من حيث البناء والمبنى معا.
توضيح ذلك : أنا نجد كل موجود من هذه الموجودات العينية الخارجية يصحب شخصية تلازمه ، ويلزمها أن لا يكون الموجود بسببه عين الموجود الآخر ويفارقه في الوجود ، كما أن وجود زيد يصحب شخصية ونوع وحدة لا يمكن معها أن يكون عين عمرو ، فزيد شخص واحد ، وعمرو شخص آخر ، وهما شخصان اثنان ، لا شخص واحد ، فهذه حقيقة لا شك فيها ( وهذا غير ما نقول : إن عالم المادة موجود ذو حقيقة واحدة شخصية فلا ينبغي أن يشتبه الامر.
وينتج ذلك : أن الوجود الخارجي عين الشخصية ، لكن المفاهيم الذهنية يخالف الموجود الخارجي في هذا الحكم فان المعنى كيف ما كان يجوز العقل أن يصدق على أكثر من مصداق واحد كمفهوم الانسان ومفهوم الانسان الطويل ، ومفهوم هذا الانسان القائم أمامنا ، وأما تقسيم المنطقيين المفهوم إلى الكلي والجزئي ، وكذا تقسيمهم الجزئي إلى الاضافي والحقيقي فإنما هو تقسيم بالاضافة والنسبة ، إما نسبه أحد المفهومين إلى الآخر وإما نسبته إلى الخارج ، وهذا الوصف الذي في المفاهيم ـ وهو جواز الانطباق على أكثر من واحد ـ ربما نسميه بالاطلاق كما نسمي مقابلة بالشخصية أو الوحدة.
ثم الموجود الخارجي ( ونعني به الموجود المادي خاصة ) لما كان واقعا تحت قانون التغير والحركة العمومية كان لا محالة ذا امتداد منقسما إلى حدود وقطعات ، كل قطعة منها تغاير القطعة الاخرى مما تقدم عليها أو تأخر عنها ، ومع ذلك فهي مرتبطة بها بوجودها ، إذ لو لا ذلك لم يصدق معنى التغير والتبدل لان أحد شيئين إذا عدم من أصله ، والآخر وجد من أصله لم يكن ذلك تبدل هذا من ذاك ، بل التبدل الذي يلازم كل حركة إنما يتحقق بوجود قدر مشترك في الحالين جميعا.
ومن هنا يظهر أن الحركة أمر واحد بشخصه يتكثر بحسب الاضافة إلى الحدود ،