وأما غير المؤمن فلا ولي له يتولى امره ، بل خيره وشره يرجعان اليه نفسه فهو واقع في ظلمات هذه الافكار التي تهجم عليه من كل جانب من طريق الهوى والخيال والاحساسات المشؤومة ، قال تعالى : « وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ » آل عمران ـ ٦٨ ، وقال تعالى : « ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ » محمد ـ ١١ ، وقال تعالى : « اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ » البقرة ـ ٢٥٧ ، وقال تعالى : « إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ » الاعراف ـ ٢٧ ، وقال تعالى : « ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ » آل عمران ـ ١٧٥ ، وقال تعالى : « الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً » البقرة ـ ٢٦٨ ، وقال تعالى : « وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ـ إِلى أن قال ـ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا » النساء ـ ١٢٢ ، وقال تعالى : « أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ » يونس ـ ٦٢ ، والآيات كما ترى تضع كل خوف وحزن واضطراب وغرور في جانب الكفر ، وما يقابلها من الصفات في جانب الايمان .
وقد بيّن الامر أوضح من ذلك بقوله تعالى : « أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا » الأنعام ـ ١٢٢ ، فدل على أن خبط الكافر في مشيه لكونه واقعاً في الظلمات لا يبصر شيئاً ، لكن المؤمن له نور إِلهي يبصر به طريقه ، ويدرك به خيره وشره ، وذلك لان الله أفاض عليه حياة جديدة على حياته التي يشاركه فيها الكافر ، وتلك الحياة هي المستتبعة لهذا النور الذي يستنير به ، وفي معناه قوله تعالى : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ » الحديد ـ ٢٨ .
ثم قال تعالى : « لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ » المجادلة ـ ٢٢ ، فأفاد ان هذه الحياة إِنما هي بروح منه ، وتلازم لزوم الايمان واستقراره في القلب فهؤلاء المؤمنون مؤيدون بروح من الله تستتبع استقرار الايمان في قلوبهم ، والحياة الجديدة في قوالبهم ، والنور المضيء قدامهم .