طرده ، كما لو عرّف الحيوان بالإنسان ، فإنّ الكلّيّة كاذبة ، وإن أرادوا تعكيسه قدّموا مؤخّره وأدخلوا عليه الحرف ـ كما عرفت ـ فإن سلّم انعكس وإلاّ فلا ، كما لو عرّف الإنسان بالحيوان وحده.
وقد ذكر المنطقيّون انعكاس الموجبة الكليّة إلى الموجبة الجزئيّة ، وليس هو المراد هنا ، ومع ذلك فيجوز انعكاسها كنفسها بدليل خارجي ، وأشار إليه في منتهى الوصول (١).
والدليل هنا ـ وهو وجوب إدخال ما من المحدود فيه وإخراج ما ليس منه عنه ـ قائم ، فنسخت كلّية العكس في الحدود اجمع. وما ذكره في نقض عكسه ـ بأنّه كراهة فيه ـ توقّف ، فإنّ الإرادة كافية عنها ، إذ لا طريق إلى إثباتها سوى الافتقار إلى الترجيح ، والإرادة صالحة له ، فإن رجّحت الفعل كانت إرادة الفعل ، وإن رجّحت التّرك كانت إرادة الترك ، فلا أمر معقول سواها ، نعم يسمّى ذلك كراهة اصطلاحا ، وهو غير ضائر هنا.
وما ذكر من المشتهى طبعا ونحوه فذلك صحيح ، غير أنّه يعتذر لهم بأنّهم أجروا النادر مجرى المعدوم.
أو أنّ المراد بالمشقّ (٢) ما كان في جنسه مشقّة ولو في بعض الأحيان أو على بعض الأعيان ، فإنّا نعلم أنّ من التكاليف الشاقّة ما ترتفع المشقّة عنه لذلك ، ولا يخرج من كونه تكليفا شاقّا ؛ لوجود ذلك في جنسه.
نعم ما ذكر من شرط الإعلام لا محيص عنه إلاّ بأنّ الإعلام لا يجب ذكره في تعريف الماهيّة ؛ لخروجه عنها بكونه شرطا لها ، فتركه غير مخلّ بشيء منها ، ولو وجب الشروط في التعاريف نقص هذا التعريف ؛ لعدم اشتماله على باقي شروط التكليف.
وما ذكر من اشتراط الواقع من التكليف دون غيره بالإعلام. فلقائل أن يمنع من تسميته قبل الوقوع تكليفا إلاّ على سبيل المجاز ؛ تسمية للشيء بما يؤول إليه مثل
__________________
(١) مخطوطة ولم توجد لدينا.
(٢) كذا في المخطوطة والصواب : بالشاقّ.