بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تفضّل بوجود خليقته لمعرفته وعبادته ، وتطوّل بوجود شريعته لإنفاذ إرادته على أيدي سفرته ، وجعل الغاية إلى ذلك لطف تذكرته وشكر نعمته والتعريض لجنّته ، وصلواته على من استدارت رحى العالمين على رءوسهم ، واستنارت دجى العالمين بتكميل نفوسهم ، وخصوصا سيّد النبيّين وخاتمهم وآله المنيبين وقائمهم صلاة تقوم بقرضهم ، ومدحة تدوم بفرضهم.
وبعد : فلمّا وضع الشيخ السعيد أبو عبد الله الشهيد ـ زاد الله في درجته ، وأسكنه بحبوحة جنّته ـ المقالة الموسومة بـ « التكليفيّة » دائرة على خمسة فصول سنيّة ، فيها مباحث جليّة ، ومن الإسهاب خليّة ، وإشارات وتلويحات خفيّة ، وترغيبات وترهيبات حفيّة. أشار إليّ من ظنّ طاقتي بحلّها ونهضتي لفلّها ، ولم يدر فاقتي على أقلّها ، وبهظتي بقلّها ؛ فشرعت فيه ملتمسا من الرحمن الغفران والإحسان ، ومن نوع الإنسان ستر النقصان والنسيان ، وبالله [ نستمدّ ] الطول.
قال : ( بسم الله الرحمن الرحيم ).
أقول : في [ البدء ] بالبسملة وجوه مشهورة ، قد أوردنا منها طرفا في شرح الأسماء. وأشهرها ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : « كلّ أمر ذي بال لم يبدأ فيه ب ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فهو أبتر » (١).
__________________
(١) تفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٥ / ٧ ؛ الكشّاف ١ : ٣ ـ ٤ ؛ كنز العمّال ١ : ٥٥٥ / ٢٤٩١.