هو نفس التكليف. وهذا هو معنى قوله : المسئول عنه بـ « كيف » باعتبار « ما » ، ولهذا لمّا قسّم ذكر الواجب والحرام والمندوب والمكروه والمباح.
وعنى بالندب المندوب ، وهو مصدر أقيم مقام الفعل مثل : ( هذا خَلْقُ اللهِ ) (١) أي مخلوقه. ولم يفرد بالذكر الصفة التي هي الوجوب والتحريم وغيرهما ، فذكر المفروضات مقصود بالقصد الثاني ، ولهذا قال في متعلّقه : باعتبار « ما » ولم يقل : فيما التكليف ، باعتبار متعلّقه ، فافهم ذلك.
قال : ( فهو إمّا أن يستقلّ العقل بدركه ، أو لا. والأوّل : العقلي ، فإمّا أن يكون بلا وسط وهو الضروري ، أو بوسط وهو النظري. والثاني : هو السمعي. ثمّ إمّا أن يكون التكليف بمجرّد الاعتقاد علما أو ظنّا ، أو به وبالعمل. وكلّ واحد منهما إمّا فعل يستحقّ بتركه الذمّ ، وهو الواجب ، أو لا يستحقّ ، فإمّا أن يستحقّ بفعله المدح وهو الندب ، أو لا ، وهو المباح. أو ترك يستحقّ بفعله الذمّ ، وهو الحرام ، أو لا يستحقّ ، فإن استحقّ بتركه المدح فهو المكروه ، أو لا ، وهو المباح ).
أقول : هذا حصر متعلّق التكليف في الأقسام المذكورة.
واعلم أنّ أقسام الاعتقاد المجرّد عن العمل خمسة ، وهي الأوّليّة الآتي ذكرها على الظاهر.
وأمّا أقسام الاعتقاد المنضمّ إلى العمل فخمسة وعشرون حاصلة من ضرب أقسام الفعل الخمسة في الاعتقادات الخمسة ، فإنّ الواجب مثلا تارة يكون سببه علما عقليّا ضروريّا ، وتارة عقليّا نظريّا ، وتارة سمعيّا ضروريّا ، وتارة سمعيّا نظريّا ، وتارة ظنّا ، وكذا سائرها ، وسنتلوها عليك مفصّلة إن شاء الله.
__________________
(١) لقمان (٣١) : ١١.