( إِنَّكَ مَيِّتٌ ) (١) لصحّة السلب قبل الوقوع ، وتخصيص الإعلام من بين الشروط بالذكر ، لأنّه جزء من مفهوم حقيقة التكليف ، ولا يبعد ذكره في الشروط وإن كان جزءا ، فإنّ كلاّ من أجزاء الماهيّة مشروط بالآخر اشتراط معيّة.
قال : ( فالأولى أن يقال : التكليف هو بعث عقلي أو سمعي على فعل أو كفّ ابتداء للتعريض بالثواب ).
أقول : البعث : جنس يشمل القول والفعل ، ويشمل الإلزام كما في الواجب والحرام ، وعدمه كبقيّة الأقسام. وفي ذكره للعقلي والسمعي تنبيه على تقسّمه إليهما.
وعلى أنّ العقلي بعث منه سبحانه ولو بواسطة.
وفي قوله : على فعل أو كفّ التفات إلى جانب الكراهة المتعلّق بالترك. والابتداء يخرج بعث النهي ونحوه ، فإنّه لا يسمّى تكليفا.
وفي البعث إشارة إلى مادّة التكليف ، وفي العقلي والسمعي إلى صورته ، والباعث دخل التزاما. وقد يراد بالباعث العقل والسمع ، فيكون الفاعل منطوقا لا مفهوما ، وعلى هذا تكون الصورة في الفعل والكفّ المذكورين ، وفي التعريض بالثواب إلى غايته.
هذا ما اختاره رحمة الله عليه. وأرى فيه نظرا من وجهين :
الأوّل : أنّ الفعل والكفّ قسمي المكلّف به لا قسما من التكليف ؛ بل هما ما تعلّق به التكليف ؛ فإنّ التكليف إنّما هو مجرّد الأمر الوارد من الحكيم تعالى. وتسميته للأفعال تكليفا مجاز من باب تسمية المسبّب باسم السبب ، كما سمّيت أوامر ، على ما حقّق في الأصول ، فذكرها في التعريف لا موجب له.
الثاني : أنّ قوله : للتعريض بالثواب ، عليه نقض في عكسه بالمعرفة.
والنظر الأوّل المعرّف لوجوب النظر ؛ فإنّه لا يقع التقرّب الذي هو مناط الثواب بهذين ؛ لامتناع التقرّب قبلهما.
__________________
(١) الزمر (٣٩) : ٣٠.