أقول : يعنون أنّ كيفيّة الشيء تفصيله ، والحال التي يقع عليها ، فهي جزء منه ، فهي شكر أو جزء شكر.
قال المصنّف : ( وأجيب بتسليم مقدّمات الأولى ، ولا يلزم صرف العبادة إليه ؛ ولأنّه لو وجب الأبلغ لم يقف على حدّ العبادة ، لإمكان ما هو أبلغ منها ).
أقول : هذا جواب أورده المصنّف على الوجه الأوّل من وجوه الشكر ، فقال : إنّ ما ذكرتم من النعمة وكثرتها ووجوب الشكر عليها صحيح ، لكنّ صرف العبادة إليه غير لازم. غايته أنّه أولى على ما ذكرت ، والأولويّة قد لا تبلغ اللزوم ؛ ولأنّه لو وجب الأبلغ من الشكر لوجبت الزيادة على العبادة الواقعة الآن ، فإنّه يمكن زيادة الفرائض وأيّام الصوم إلى غير ذلك ، ويلزم أيضا رفع الرخص من التكاليف.
قال : ( ونمنع كون الخضوع شكرا وإن اشتمل عليه اشتمال العامّ على الخاصّ ، فلا يكون مسمّى العبادة شكرا وإن كان الشكر واقعا فيها. وفي التحقيق : الخضوع للمعبود شرط صحّة العبادة ، والشرط قبل المشروط في الوجود ، والعلّة الغائيّة قبله في التصوّر وبعده في الوجود ، فلا يكون أحدهما عين الآخر ).
أقول : هذا جواب أورده المصنّف على الوجه الثاني من وجوه الشكر ؛ لأنّه لمّا قال صاحب الشكر : العبادة هي الخضوع الذي هو الشكر ، منع ذلك المصنّف بأنّا لا نسلّم كون الخضوع والشكر متّحدين لا متساويين حتّى لا يلزم من وجود أيّهما كان وجود الآخر ومن عدمه عدمه ، بل نقول : العبادة أعمّ من الشكر ، فلا يلزم من وجودها وجوده ؛ لعدم استلزام العامّ الخاصّ.
وأنا أقول : كون العبادة أعمّ من الشكر نظر ، بل الأمر بالعكس ، فإنّ من محالّ الشكر الاعتقاد القلبي ، وهو غير داخل في مسمّى العبادة ، ومن استقرأ أفراد العبادة