فاعل سواه ، وحينئذ فإن فعله لغرض آخر تسلسل ، وإلاّ لزم العبث.
وجوابهم : المنع من التسلسل ؛ لأنّ الأغراض اعتباريّة تنقطع بانقطاع المضاف إليه.
لنا ـ نحن على أنّه يفعل لغرض ـ المعقول والمنقول :
أمّا الأوّل ؛ فلأنّه لو لا ذلك لزم العبث ، وهو نقص ، فيتنزّه الله عنه. ويلزم الظلم أيضا ؛ لأنّه إذا ألزم العباد مشاقّ التكليف لا لغرض ومنفعة في الدنيا والآخرة كان ظالما ضرورة.
وأمّا الثاني ؛ فالقرآن المجيد مشحون بذلك نحو قوله تعالى : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (١) ، وقوله : ( لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ) (٢) ، وقوله :
( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ) (٣) وقوله : ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٤).
قال صاحب المحصّل « فبيّن الله تعالى أنّ بعثة الرسل لقطع الحجّة » (٥) مع أنّ مذهبه أنّه لا غرض فيها.
[ فإن ] قالوا : يلزم من الاستدلال بالسمع هنا الدور ؛ لأنّه فرع عندكم على هذه المسألة.
قلنا : ذكرناه إلزاما ؛ لأنّكم ترون السمع لا يتوقّف عليها.
إن قلت : لم لا يكون « اللام » في قوله : ( لِيَعْبُدُونِ ) للعاقبة لا للغرض.
قلت : « لام » الغرض قد لا يحصل الغرض عقيبها ، كمن قال : « جئتك لتكرمني » ، فإنّه قد لا يحصل له الإكرام ، و « لام » العاقبة لا بدّ من حصول ما تعلّقت به ، كما قال
__________________
(١) الذاريات (٥١) : ٥٦.
(٢) الإسراء (١٧) : ١٢.
(٣) المؤمنون (٢٣) : ١١٥.
(٤) النساء (٤) : ١٦٥.
(٥) المحصّل : ٥١٣.