وقال آخر :
هل أنت باعث دينار لحاجتنا |
|
أو عبد رب أخاعون بن مخراق (١) |
وإنما نصب عبد رب لان من حق الكلام ان يكون باعث دينارا فحمله على الموضع لا اللفظ وقد سوغوا ما هو أبعد من هذا لانهم عطفوا على المعنى وان كان اللفظ لا يقتضيه مثل قول الشاعر :
جئني بمثل بني بدر لقومهم |
|
أو مثل أسرة منظور بن سيار (٢) |
لما كان معنى جئني أي هات مثلهم أو اعطني مثلهم قال : أو مثل بالنصب عطفا على المعنى.
فان قيل : ما تنكرون أن يكون القراءة بالنصب لا تقتضي الا الغسل ولا تحتمل المسح لان عطف الارجل على موضع الرؤوس في الايجاب توسع وتجوز والظاهر والحقيقة يوجبان عطفها على اللفظ لا الموضع؟ قلنا : ليس الامر على ما توهمتم بل العطف على الموضع مستحسن في لغة الرعب وجائز لا على سبيل الاتساع والعدول عن الحقيقة والمتكلم مخير بين حمل الاعراب على اللفظ تارة وبين حمله على الموضع اخرى
__________________
ولم يرو البيت منصوبا الا سيبويه في » الكتاب « وتبعه النحاة وقد آخذه العلماء قديما وحديثا على ذلك ورواه المبرد » ولا الحديد « وقال : « ان هذه القصيدة مشهورة وهى محفوضة كلها « وعزى بعض السبب في ذلك ان سيبوبه لفقه ببيت يتلوه وهو.
اديروها بنى حرب عليكم |
|
ولا ترموا بها الغرض البعيدا |
ويروى خلافة ربكم حاموا عليها |
|
.......... |
وهذا البيت من قصيدة لعبد الله بن همام السلولي » منصوبة « قالها ليزيد وهو الذي حمله على ان أخذ البيعة لابنه معوية من بعده رواها الجمحي والتبريزي وغيرهما ، مضافا إلى ذلك الاختلاف بين غرض ابن هبيرة الاسدي فهو يؤنب وبوبخ ويطلب العدل ، وبين غرض ابن همام السلولي وهو بحث على حبس الخلافة على الامويين وانها لهم دون غيرهم.
(١) البيت من الشواهد لسيبويه وابن الناظم وابن عقيل وغيرهم ونسب إلى جرير والى تأبط شرا والى جابر السنبسي وقيل هو مصنوع.
(٢) البيت لجرير بن عطية بن الخطفي وهو من كلمة طويلة في النقائض ص ٣٢٤ وشرح ديوانه ص ٣١٢.