وهذا ظاهر في العربية مشهور عند أهلها وفي القرآن والشعر له نظائر كثيرة ، على انا لو سلمنا ان العطف على اللفظ اقوى لكان عطف الارجل على موضع الرؤوس أولى مع القراءة بالنصب ، لان نصب الارجل لا يكون إلا على أحد الوجهين إما بان يعطف على الايدي والوجوه في الغسل ، أو يعطف على موضع الرؤوس فينصب ويكون حكمها المسح وعطفها على موضع الرؤوس أولى ، وذلك ان الكلام إذا حصل فيه عاملان احدهما قريب والآخر بعيد فإعمال الاقرب أولى من اعمال الابعد ، وقد نص أهل العربية على هذا فقالوا : إذا قال القائل اكرمني واكرمت عبد الله وأكرمت واكرمني عبد الله فحمل المذكور بعد الفعلين على الفعل الثاني اولى من حمله على الاول لان الثاني اقرب إليه ، وقد جاء القرآن وأكثر الشعر بإعمال الثاني قال الله تعالى : (وانهم ظنوا كما ظننتم ان لن يبعث الله احدا) (١) لانه لو أعمل الاول لقال كما ظننتموه وقال : (آتوني أفرغ عليه قطرا) ولو اعمل الاول لقال افرغه وقال : « هاؤم اقرؤا كتابيه » (٣) ولو اعمل الاول لقال هاؤم اقرؤه كتابيه ، وقال الشاعر :
قضى كل ذي دين فوفى غريمه |
|
وعزة ممطول معنى غريمها (٤) |
فاعمل الثاني دون الاول ، لانه لو اعمل الاول لقال قضى كل ذي دين
__________________
(١) الجن ٧.
(٢) الكهف ٩٧.
(٣) الحاقة ١٩.
(٤) البيت لكثير بن عبد الرحمن المعروف بكثير عزة من ابيات قالها في محبوبته (عزة) لاسباب ذكر بعضها الاصبهاني في اغانيه وبعد البيت :
إذا سمت نفسي هجرها واجتنابها |
|
رأت عمرات الموت الموت فيما أسومها |
اصابنك نبل الحاجبية انها |
|
إذا مارمت لا يستبل كليمها |
(١٠ التهذيب ج ١)