في تسميته بالقاعدة فهذا ليس حكماً آخر غير تلك الأحكام الواقعية المقيدة ، فتكون نسبتها إلى نفي الوجوب الحرجي والضرر مثلاً نسبة التطبيق لا التوسيط ، أي الحكم المستنبط مجعول نفس هذا الجعل لا جعل آخر.
ثمّ إنّ السيّد الشهيد قدسسره قد ذكر في دورته الاولى وجهاً آخر لخروج قاعدة نفي الضرر والحرج عن علم الاصول ، وقد عدل عنه في الدورة الثانية.
وحاصل ذاك الوجه : انّ قاعدة نفي الضرر والحرج قد اخذ فيها مادة معينة من مواد الفقه ، وهي الضرر والحرج ، فتكون كالأحكام المخصوصة بالمواد الخاصة في الأبواب الفقهية كالطهارة والصلاة والصوم ، غاية الأمر تلك المواد عناوين أولية ، وعنوان الضرر أو العسر والحرج عناوين ثانوية ، وسيأتي انّ المقصود من القواعد الممهدة في التعريف القواعد العامة السيَّالة في الفقه غير المختصّة بباب دون باب ، وبمادة غير مادّة ، فخروج مثل هذه القواعد عن علم الاصول يكون بنفس النكتة التي سيأتي ذكرها لاخراج مثل قاعدة الطهارة عن علم الاصول.
إلاّأنّ هذا الوجه غير تام ؛ لأنّه إنّما يصحّ إذا كان مفاد قاعدة ( لا ضرر ) حرمة الاضرار كعنوان ثانوي ، وأمّا إذا رجع إلى نفي جعل الحكم الضرري والحرجي ـ كما هو متعين في قاعدة ( لا حرج ) وهو الظاهر والمشهور في قاعدة ( لا ضرر ) ـ فلا يتمّ فيه هذا الجواب ؛ إذ لا إشكال في انّ هذا المفاد والمضمون السلبي والنافي للحكم الضرري والحرجي سيّال في تمام الأبواب الفقهية والتكاليف الالزامية ، ويكون الثابت بها رفع كل تلك الأحكام المختلفة موضوعاً ومحمولاً في الأبواب الفقهية المتنوّعة ، والميزان تنوّع وسيولة الأحكام المستكشفة بالقاعدة في الأبواب الفقهية وعدم اختصاصها بمادة أو باب فقهي معيّن ، وهذا محفوظ في ( لا حرج ) و ( لا ضرر ) كما هو واضح.