بالتعبّديات المشروطة بقصد التقرب كما انّه يعمّ أقسام النهي عدا الرابع كما انّه يتم حتى على القول بالجواز بالملاك الأوّل كما انّه يختص بصورة العلم بالنهي ؛ لأنّ المنظور هنا القرب العقلي المنوط بحالة المكلّف وعدم إمكان تقربه.
وفيه : ما أفاده السيد الشهيد قدسسره من انّ المقربية والمبعدية ليست بالعمل الخارجي ، بل بالدواعي النفسانية المحركة نحو العمل ، فهي سبب البعد والقرب بالعمل ، ولهذا يتحقق حتى لو تخيل وقوع الفعل ولم يقع فعل خارجاً أصلاً ، أو كان فعلاً مبغوضاً للمولى واقعاً ، فكلما تعقلنا داع مولوي محرك كان القرب وكلما كان هناك داع مبعِّد عن المولى وحقّه كان البعد ، فلو أمكن وجود داعيين الهي وشيطاني تحقق البعد والقرب ؛ لأنّه يمكن اجتماع الداعيين ويكون من باب تعدد الداعي الذي كل منهما مستقل في الداعوية.
وهذا ممكن إذا كانت المصلحة ومطلوب المولى في الجامع والمفسدة في الفرد ، لا ما إذا كانت المصلحة أيضاً في الفرد أو الحصة من الجامع الموجودة فيه بالخصوص ، كما هو مشروح في الكتاب.
لا يقال : إن اريد من هذا البرهان عدم إمكان التقرب بالمبغوض واقعاً رجع إلى البرهان الثاني ، وإن اريد عدم تأتي قصد التقرب والداعي للمكلف إذا كان عالماً بالنهي لكون الفعل عندئذٍ معصيةً وقبيحاً فهذا يرجع إلى البرهان القادم ، وهو فرع أن تكون المبغوضية صالحة للتنجز فلا يتم في النهي الغيري ، وهذا ما هو مذكور في هامش الكتاب.
فإنّه يقال : الملحوظ في هذا البرهان انّ علم العبد بالمبغوضية للمولى يمنع عن إمكان اضافة الفعل إليه بملاك انّه يكون أسوأ حالاً من تركه بلحاظ أغراضه