موارد ثبوت الحرمة الذاتية كصوم العيدين مثلاً. وإن اريد به النهي عن العبادة بما هي عبادة فهذا ممتنع ويمكن أن يذكر في وجه الامتناع عدة تقريبات :
الأوّل : ما ذكره في الكفاية من انّ تعلّق النهي والحرمة الذاتية بالعبادة بما هي عبادة مستلزم لاجتماع حرمتين وهو من اجتماع المثلين لأنّ العبادة إذا كانت منهياً عنها فلا أمر بها فلا يعقل التعبد بها إلاّبقصد التشريع وهو محرم في نفسه بحرمة التشريع فلو كان محرماً بحرمة ذاتية أيضاً لزم اجتماع المثلين وهو محال.
الثاني : ما ذكره المحقق النائيني انّ فرض العبادية يلازم فرض المقربية ، كما انّ فرض النهي الذاتي يلازم فرض المبعدية ويمتنع أن يكون شيء واحد مقرباً ومبعداً ، وهذا يعني انّه يستحيل تعلّق النهي التحريمي بالعبادة بما هي عبادة للزوم التضاد أو التناقض.
الثالث : قد يذكر من انّ تعلّق النهي بالعبادة بما هي عبادة يوجب امتناع تحقق المتعلّق لامتناع التعبد والتقرّب بعد فرض تعلّق النهي والحرمة ، ومعه يمتنع النهي أيضاً لاستحالة أن يكون محركاً وزاجراً بعد أن أصبح متعلقه ممتنعاً خارجاً ، فلو اريد أن يكون مانعاً عن فعل العبادة فالمفروض امتناعه ، وإن اريد أن يكون مانعاً وزاجراً عن غيرها فهو محال أيضاً ؛ لأنّ التكليف يحرك نحو متعلقه لا غيره مع انّه غير مقصود في المقام ، ولعلّه لهذه النكتة ذهب أبو حنيفة على ما نسب إليه من انّ النهي في العبادة يقتضي صحّتها.
الرابع : قد يذكر أيضاً من انّ التعبد والتقرب كلما أمكن كان حسناً ذاتاً فلا يعقل النهي عنه شرعاً ، فإنّه كالأمر بالمعصية ممتنع ؛ لأنّ حسن الطاعة والانقياد كقبح المعصية حكم عقلي تنجيزي لا يعقل الردع والمنع عنه شرعاً.