إلاّ انّ هذا غير صحيح ، فإنّ التشريع المحرّم في حق العالم بالعدم معقول أيضاً ، بل أشدّ حرمة ؛ لأنّه افتراء أشد على الله سبحانه وتعالى من التشريع في مورد الشك واحتمال الأمر.
وكأنّ المقصود بيان أنّ العمل تارة يبطل لعدم تأتي قصد القربة فيه كمن يعلم بعدم الأمر ، واخرى يبطل مع امكان قصد التقرّب به ؛ لاحتمال الأمر وامكان قصده رجاءً ، إلاّ انّ المكلّف يقصد الأمر بنحو الجزم واليقين ويسنده إلى الشارع فيكون تشريعاً فيبطل العمل من جهة الحرمة التشريعية ومانعيتها عن صحّة العبادة بأحد الوجوه الثلاثة المذكورة.
وهنا وجه رابع غير الوجوه الثلاثة ، وحاصله : أنّه إذا سلّمنا عدم حرمة التشريع وعدم قبحه العقلي مع ذلك لم يكن الفعل المأتي به بقصد الأمر الجزمي التشريعي عبادة صحيحاً لأنّ هذا ليس قصداً قربياً ، أي ليست اضافة حقيقية للمولى ومن أجله ، وإنّما اضافة صورية إذ المراد بنية القربة أن يكون داعيه أمر المولى ومن يعلم انّه يدعي عليه أمراً لا يعلم بثبوته ـ والمفروض انّه لا يقصد الرجاء ـ فهو ليس داعيه امتثال أمر المولى إلاّاسماً وصورةً لا واقعاً وحقيقة.
فالحاصل الداعي المولوي المعقول إنّما هو قصد الرجاء فإذا لم يكن متحققاً منه فلا يعقل في حقه داعٍ الهي آخر إلاّصورة فتبطل العبادة لعدم الداعي القربي ، الحقيقي لا لمانعية قصد التشريع وحرمته.
ثمّ إنّ هنا تنبياً آخر ذكره السيد الشهيد في دورته السابقة وحذفها في هذه الدورة وهو موجود في الكفاية ، حاصله : انّ النهي التحريمي الذاتي في العبادة إن اريد به النهي عن ذات العبادة أي العمل فهو معقول وموجب لبطلانها بأحد البيانين والبرهانين من البراهين المتقدمة ، إلاّ انّه غير ملتزم به فقهياً عادة في