اليقينية وما يتولد منها بالمنهج القياسي لكونه برهاناً قائماً على أساس التلازم المنطقي البديهي فيكون مضمون الحقانية أيضاً.
ولنا تعليقان هنا :
١ ـ أنّ القضايا اليقينة يمكن الخطأ فيها ، أي ليست مضمونة الحقانية ، لأنّ الإنسان قد يخطأ في قضية أولية لا بمعنى انها ثانوية ويتصورها أولية ـ وإن كان هذا معقولاً أيضاً كما قلنا في الحسيات ـ بل بمعنى أنّه يخطأ فيها أو يتصورها كلية ولم تكن بكلية فإنّ أوليّة المعرفة وعدم احتياجها إلى الاستدلال لا تنافي وقوع الخطأ فيها أو في حدودها ، وهذه نكتة أساسية وقع الخلط فيها عند المنطق الارسطي ببرهان انّه قد يشك الإنسان في معلومه بالذات الذي هو أيضاً لا يحتاج إلى الاستدلال بل لا يمكن الاستدلال عليه ، كما يشك في انّه شاك أو ظانّ ، والاستدلالات على استحالة التسلسل من الشواهد على وقوع الأخطاء في مواد البراهين ، وأكثر الأخطاء في الاستدلالات العقلية تنشأ من هذه الناحية خصوصاً بعد التركيب وتأليف أقيسة واستدلالات منها.
٢ ـ انّ ما ذكر من انّ سير التفكير البشري من العام إلى الخاص على طريقة القياس دائماً غير صحيحة ، بل هناك سير آخر من العام إلى الخاص أيضاً وهو المنهج الاستقرائي في كل القضايا المستقرئة والتجريبية والحسية وكل القضايا الأربع المتقدمة ، والمنطق الارسطي كان يرجعه إلى قياس مستتر كبراه : ( الصدفة لا تكون أكثرية ) ولكن أثبتنا في منطق الاستقراء عدم أولية هذه القضية. وبذلك ينهار مبنى هذا المنطق في باب كل الكبريات الخارجية المستحصلة من التجربة والاستقراء بحيث لابد من منطق آخر شرحناه في الاسس المنطقية.