ص ١٣٥ قوله : ( المقام الثاني ـ مدركات العقل العملي ... ).
ولا كلام زائد في هذا المقام عمّا في الكتاب إلاّمن ناحية حقيقة الحسن والقبح العقليين ، فإنّه يمكن أن يقال أنّ فيهما ثلاث اتجاهات رئيسية :
١ ـ أنّهما من القضايا الاعتبارية الموضوعة من قبل العقلاء لحفظ نظامهم ـ المشهورات ـ وقد ذهب إلى ذلك بعض الفلاسفة والاصوليين.
٢ ـ أنّهما من القضايا التصديقية الواقعية ، وهذا تحته ثلاثة أقوال :
١ ـ أنّهما راجعان إلى المصلحة والمفسدة النوعيّين لا الشخصين.
٢ ـ أنّهما راجعان إلى سعة في الوجود الحقيقي العيني.
٣ ـ أنّهما راجعان إلى لوح الواقع الأوسع من لوح الوجود نظير الامكان والامتناع والضرورة في مدركات العقل النظري. فكأنّ هناك ضرورة يدركها العقل النظري وهي ضرورة وجودية وضرورة يدركها العقل العملي وهي ضرورة خلقية عملية وكلاهما من المعقولات الفلسفية الثانوية التي لها ثبوت في لوح الواقع الأوسع من لوح الوجود.
٣ ـ أنّهما راجعان إلى خصوصية ذاتية في العقل المجرد وهي الابتهاج تجاه الفعل الحسن والكراهة والاشمئزاز تجاه الفعل القبيح.
وقد تقدّم الكلام مختصراً عن ذلك في مبحث التجري وتفصيله في علم آخر. ثمّ حيث انّ مدركات العقل العملي لا يمكن بمفردها أن يستكشف منها حكم شرعي بلا ضمّ قاعدة الملازمة النظرية وهي غير تامة على ما بيّن مفصلاً في الكتاب هنا وفيما سبق فلا موضوع لأصل هذا النقاش بين الاخباري والاصولي في هذا الدليل العقلي.