وهذا الفرق في المفتى به يلتزم به من يقول بشرطية الوصول في الحاكم الظاهري في تمام أدلّة الأحكام الظاهرية حتى في حق المجتهد نفسه ، فما يكون أمراً مشتركاً وحكماً موضوعياً ثابتاً في حق المجتهد يكشفه بالدليل بنفسه يكون ثابتاً للمقلد يكشفه بالتقليد.
وهذا التحليل يوضح لنا كيف انّ كل هذا الاشكال نشأ من تصور أنّ الفتوى يكون بالحكم الفعلي وانّ عالم المجعول الفعلي أمر حقيقي كما هو مسلك الميرزا ، فهذه المسألة كأنّه استرسل فيها سيدنا الشهيد قدسسره تأثراً بطرز تفكيرهم من التفكيك بين مرحلة الجعل والمجعول الفعلي. حيث انّه إذا كان اللازم هو الافتاء بالمجعول الفعلي في حق المقلد اتجه المحذور واحتجنا في مقام رفعه إلى الافتاء بالحكم الواقعي أو بالحكم الظاهري لمن يقلّده وأن يكون التقليد في الكبرى والصغرى من غير ناحية الوصول ويتحقق الوصول بنفس التقليد فيهما ، وعندئذٍ قد يقال أنّه خلاف الارتكاز وخلاف كون الحكم الفعلي مشتركاً ثابتاً في حق العامي قبل التقليد.
وامّا إذا قلنا أنّ الافتاء بالمجعول الفعلي ليس إلاّعبارة عن الافتاء بكبرى الجعل وبصغراه لأنّهما الأمران الحقيقيان وامّا تولّد المجعول الفعلي منهما فهو أمر وهمي تصوري ، فالتقليد على كل حال يكون في الكبرى والصغرى من غير ناحية الوصول ، وهما أمران واقعيان والمقلّد يشخصهما في حق نفسه كما في الأحكام الواقعية تماماً غاية الأمر يكون الفرق في أخذ قيد الوصول وعدمه في موضوع الكبرى وهذا فرق بين المسلكين فيما يفتى به لا في أصل الفتوى ، فلا محذور لا في الافتاء ولا في التقليد ، ويكون هذا نظير افتاء المجتهد بوجوب القصر في الصلاة على العالم به ولو بنفس التقليد ، ونظير ثبوت الأحكام الظاهرية