يساوق الحجّية ـ مشروطاً بالتبيّن فهذا غير معقول ، ولو اريد جعل منشأ انتزاعه وهو حرمة العمل بخبر الفاسق بلا تبيّن والذي قد ينتزع منه عقلاً انّ جواز العمل به مشروط بالتبيّن (١) فيكون المجعول بهذا اللسان ذلك المنشأ للانتزاع كما يقال في سائر موارد الشرطية والجزئية ، فهذا وإن كان معقولاً ثبوتاً إلاّ أنّه غير صحيح اثباتاً ، لأنّ العمل عندئذٍ بالعلم لا بالخبر فعدم جعل الحجّية له لا يوجب انتزاع شرطية التبيّن للعمل به إلاّبالمسامحة المستهجنة عرفاً ؛ إذ لا وجوب للعمل بالخبر ولا عمل بالخبر عندئذٍ بل حتى لو صدق العمل بالخبر فوجوبه عقلي من جهة القطع به لا شرعي ، فليس هنا جعل شرعي ملازم مع جعل شرعي آخر لينتزع منه الشرطية كما هو معنى الوجوب الشرطي. اللهم إلاّ أن يرجع إلى مجرد تعبير لفظي لا شرطية حقيقية فيكون ارشاداً إلى عدم الحجّية فيرجع إلى الاحتمال السابق.
٤ ـ الوجوب الطريقي للتبيّن بمعنى وجوب الاحتياط امّا بتحصيل العلم بالواقع أو الامتثال الاحتياطي ، وهذه مرتبة من منجزية وحجّية خبر الفاسق في قبال الاصول الترخيصية وانتفاء هذا الوجوب لا يساوق حجّية خبر العادل إلاّ بعد ضم عدم الأسوئية.
إلاّ أنّ هذا الاحتمال خلاف الظاهر كما ذكر في الكتاب فإنّه كان ينبغي أن يقول : فلا تتركوا خبره وخذوا به ولو من باب الاحتياط ، وكان ينبغي أن يعلل باحتمال اصابة الفاسق للواقع لا بالعكس والتحذير من احتمال كذبه.
__________________
(١) وهو معنى إذا اريد العمل به وجب التبيّن لأنّ المقصود ليس انّ له أن يريد العمل وله أن لا يريدفلابد أن يراد جواز العمل بالمعنى الأعم.