ـ لولا نجاسته ـ تحصيلاً لليقين بالفراغ عن شرطية الستر في الصلاة ، أو وجود علم اجمالي بتكليف معاكس يكون أحد أطراف علمنا الإجمالي الأوّل طرفاً فيه أيضاً ، كما إذا علمنا بوجوب شرب ما في أحد الانائين من الدواء أو غير ذلك ، وكان أحد طرفيه المعين طرفاً للعلم الإجمالي بالنجاسة أو الحرمة مع طرف ثالث.
وفي هذا الفرض ـ بكلا شقيه ـ لا اشكال في أنّ مقتضى القاعدة منجزية كلا المقتضيين العقليين للاحتياط في نفسهما بعد سقوط الاصول المرخصة في الأطراف ، إلاّ أنّه هنا يقع التزاحم بين وجوب الموافقة القطعية لكل منهما مع الآخر ، حيث لا يمكن للمكلّف تحصيل ذلك في الطرفين ، ولكن حيث يكون العلم بالتكليف الواقعي في كلا المقتضيين فعلياً فالمخالفة القطعية منجزة في كليهما ، لامكانها فيهما معاً ، كما انّه لا يجوز ترك الموافقة القطعية في كليهما ؛ لأنّه متمكن منها في أحدهما فيتنجز ، فيتخيّر المكلّف عقلاً في ترك الموافقة القطعية لأحد العلمين الاجماليين أو المقتضيين للاشتغال. وهذا أحد شقوق الدوران بين المحذورين الذي هو مجرى أصالة التخيير العقلية ، وسيأتي تفصيل البحث فيه وفي شقوقه.
نعم ، لا يبعد حكم العقل هنا بتعيّن التكليف الأهم من التكليفين جزماً أو احتمالاً في مقام تحصيل الموافقة القطعية فتجب موافقته القطعية والمخالفة الاحتمالية للآخر ، وكذلك إذا كان احتمال المخالفة لأحدهما أكثر من الآخر فيجب تحصيل الموافقة القطعية للتكليف الأهم محتملاً أو الأكثر احتمالاً بحكم العقل القاضي في موارد فعلية تنجّز التكليف بلزوم حفظه بأية درجة ممكنة احتمالاً أو محتملاً.