الثاني : جريان الوظائف المذكورة في الظن والشك المتعلقين بالحكم الظاهري فيقعان موضوعاً لتلك الوظائف رغم أنّ التنجيز أو التعذير الحاصل بجريان تلك الوظائف إنّما يكون بلحاظ الحكم الواقعي ، وهذا هو معنى جريان الوظائف الظاهرية عن الظن والشك المتعلقين بالأحكام الظاهرية لا المعنى الأوّل.
والصحيح هنا التفصيل بين الأمارات والاصول التنزيلية فإنّها تجري عن الحكم الظاهري إذا قامت عليها كما في اثبات الظهور بالخبر أو حجّية الخبر بالظهور الكتابي أو اثبات البراءة الشرعية أو أيّة قاعدة ظاهرية بالخبر أو الظهور وكلها من قيام الظن المعتبر على حكم ووظيفة ظاهرية ، وكذلك استصحاب الحجّية إذا شك في بقاء حجّية خبر الثقة مثلاً أو نسخها وكذلك استصحاب البراءة الشرعية ، من دون فرق في ذلك بين مسلك اختصاص الأحكام الظاهرية بالوصول وعدمه لأنّ هذا وصول لها أيضاً فإنّهم لا يقصدون بالوصول الوصول الوجداني بالخصوص.
وامّا الاصول غير التنزيلية كالبراءة أو الاحتياط الشرعيين فإذا قلنا بمسلك الاختصاص بالوصول لم يكن معنى لاجرائهما عن الشك في الحكم الظاهري إذ عند الشك وعدم وصول الحكم الظاهري المشكوك ولو بالحجة أو الأصل التنزيلي لا يكون ثابتاً واقعاً فلا شك فيه لكي يكون موضوعاً لتلك الوظيفة بل يقطع بعدم فعليته ـ وهذا هو التعليل الصحيح لا ما في ظاهر الكتاب ـ وامّا على المسلك الصحيح من انّ الحكم الظاهري محفوظ حتى مع عدم وصوله فيكون الشك فيه معقولاً فتشمله الوظيفة المقرّرة.