وقد استشهد السيد الخوئي قدسسره على مدّعاه من حكم العقل بعدم المخالفة القطعية في المقام بموارد الاضطرار إلى أحد الطرفين لا بعينه ، فإنّه إذا فرضنا العلم اجمالاً بنجاسة أحد الانائين الشرقيين مثلاً والعلم اجمالاً أيضاً بنجاسة أحد الانائين الغربيين واضطر المكلف إلى شرب اثنين من الأربعة لا بعينه ، فإنّه لا يجوز له شرب الشرقيين معاً أو الغربيين كذلك ، بل يتعيّن عليه ـ طبقاً لما يأتي من بقاء التكليف الواقعي في موارد الاضطرار إلى أحد الطرفين لا بعينه على فعليته ومنجزيته ، وهو المسمّى عندهم بالتوسط في التنجيز ـ أن يختار أحد الشرقيين وأحد الغربيين ، أي لا يخالف مخالفة قطعية لأحد العلمين وإن كان فيه موافقة قطعية للعلم الآخر ، بل تتعين المخالفة الاحتمالية عقلاً.
وأمّا المطلب الثاني : فهو انّه لا فرق بين فرض التساوي أو فرض الأهمية لأحد التكليفين على الآخر فيما ذكر ـ خلافاً للميرزا قدسسره ـ لأنّ الحكمين وإن لم يكونا من قبيل المتعارضين إذ لا تنافي بينهما في الجعل ، إلاّ أنّهما ليسا من قبيل المتزاحمين أيضاً ليقيد إطلاق المهم منهما فيسقط عند امتثال الأهم ، إذ المفروض قدرة المكلف على امتثال كليهما لولا الجهل والاشتباه فلا تزاحم بين التكليفين ؛ ومعه يكون كل من التكليفين اطلاقه فعلياً غير ساقط أي داخلاً في العهدة ، والمفروض انّ العقل يحكم بقبح عصيان ومخالفة كل تكليف داخل في العهدة مخالفة قطعية سواء كان ملاكه شديداً أو خفيفاً فلا وجه للترجيح بالأهمية في المقام بخلاف باب التزاحم في الامتثال.
وأضاف السيد الخوئي على هذا البيان نقضاً على الميرزا قدسسره بأنّ لازم تطبيق قوانين باب التزاحم في المقام من الترجيح بالأهمية ونحوها الالتزام بالتخيير فيما إذا كان التكليفان المعلومان بالاجمال متساويين في الأهمية ، فيجوز