الأرجل ، ويحدِّقُ العرّافُ في الماء حتى يرى الماء وقد تعکّر وتضبّب وتبدأ صور المستقبل بالظهور. يضع صولجانه ( عصاه ) في وسط الماء ، ويبلّله ويرش منه الماء على أهداب ثوبه وقدميه ، يحس بالخوف من تلک الطاقات التي إستثارها في داخله ، يسمع صوتاً ويرى إشراقاً إلهياً نورانياً ويکتب ما يراه إلهاماً وکشفاً.
أعتقد بأنه قد صارت لدينا صورة واضحة عن طبيعة عمل نوستردامس ، فهو عرّافة أو کهانة وتنجيم مع ممارسة السحر وغيره مما يعرف بالعلوم الخفية أو السرّية ( Occult ) فنمها ما کان مباحاً مقبولاً لدى الکنيسة الکاثوليکية التي کانت هي المسيطرة على السياسة وعلى العقول في آن واحد في ذلک الزمان. فالتنجيم کان أمراً عادياً ولم يکن بلاط أحد من الملوک خلواً من منجّم يستشيره في أمور حربِه أو سلمِه ، إدارتِه أو حياتِه الخاصة ، ولکن من هذه العلوم أو الممارسات التي استعملها نوستردامس ما کان محرَّماً أشدَّ التحريم ويعاقَبُ عليه من يمارسه بالإعدام حرقاً ، وذلک هو ممارسة السحر ، وهو ما کان نوستردامس يخشاهُ أشدَّ الخشية ، ولهذا فإنه کتب کتابه بذلک الخليط اللُّغوي الغريب ونثر تنبؤاته نثراً عشوائياً وبدون تسلسل زمنيّ محدد. وقد صرح بذلک لإبنه قيصر وقال له في موضع من رسالته إليه