إن فراعنة العصر الحديث يريدون لبني الإنسان أن يستحيلوا إلى قردة ترقص على أنغامهم ، بل إنهم أعدّوا لذلك عدّته منذ زمن بعيد عندما حاولوا إقناع الناس بأنهم نسانيس ، وبأنهم إنما أنحدروا من القردة ، فالقرود هم أجدادنا أو أبناء عمومتنا ولا بأس بأن نحذوا حذوهم وأن نتخلّق بأخلاقهم. وإنسان اليوم يجد نفسه أمام واحد في خيارين : إما الموت وإما الحياة. فهو إما أن يختار لنفسه أن يكون كمية مهملة لا ووزن لها ولا قيمة وهو التلاشي والخسران وأما أن يختار أن يكون إنساناً حراً كريماً في المقام الذي أراده له الله تعالى حيث جعله خليفة له في أرضه ، وهذه هي الحياة. فإذا كان إختياره هو الأخير وأراد أن يحسن الخلافة والقيام بها فإنه لن يجد أمامه عندئذ عالماً يتمكن من التكيّف معه ومعايشته ، لأن معايشة الفراعنة المستكبرين تعني أَن يستحيل أمامهم إلى قرد كما أرادوا له ، ولأن التكيّف معهم يعني السجود أمامهم ،