باستحقاق العقاب على مخالفة ما تعلق به القطع ، لا أنّ هناك بعثا وتحريكا من العقل أو العقلاء نحو ما تعلّق به وإن كان هو ظاهر تعليقة (١) أستادنا العلاّمة أدام الله أيّامه على الرسالة ، ضرورة أنّه لا بعث من القوّة العاقلة وشأنها إدراك الأشياء ، كما أنّه لا بعث ولا تحريك اعتباري من العقلاء.
والأحكام العقلائيّة كما سيجيء (٢) إن شاء الله تعالى عبارة عن القضايا المشهورة التي تطابقت عليها آراء العقلاء حفظا للنظام وإبقاء للنوع كحسن العدل وقبح الظّلم والعدوان.
ولا ينبغي الارتياب من أحد من أولي الألباب أنه ليس في هذا الباب حكم جديد من العقل ، بل الغرض تطبيق الكبرى العقليّة الحاكمة باستحقاق العقوبة على المعصية الحقيقيّة لأمر المولى ونهيه على المورد بمجرّد تعلّق القطع به.
وحيث إن الكبرى العقليّة مسلّمة وانطباقها على موضوعها قهريّ ، فلذا لا مجال للبحث إلاّ عن طريقيّة القطع وكونه موجبا لانطباق الكبرى على الصغرى ، ولأجله علّله « قدس سره » في الرسالة بطريقيّته ، الذاتيّة.
وعلى هذا نقول : حيث إنّ القطع حقيقة نوريّة محضة ، بل حقيقته حقيقة الطّريقيّة والمرآتيّة ، لا أنّه شيء لازمه العقلي الطريقيّة والانكشاف ، بداهة أنّ كل وصف اشتقاقي ينتزع عن مرتبة ذات شيء فمبدؤه ينتزع عنه قهرا وإلاّ لزم الخلف ، بل ذاته نفس الانكشاف وانتزاع الكاشف عنه باعتبار وجدانه لنفسه ، ولا معنى للطّريقيّة إلا وصول الشيء بعين حضوره للنّفس فالطّريقيّة عين ذاته لا من ذاتيّاته ، فلذا لا حالة منتظرة في الإذعان بانطباق الكبرى العقليّة على المورد ، فيتحقّق بسببه ما هو السبب التام لاستحقاقه العقاب بلا كلام.
وحيث إنّ طريقيّته ذاتيّة ، فجعل الطريقيّة له من الشارع غير معقول ،
__________________
(١) التعليقة على فرائد الأصول / ٥.
(٢) التعليقة ١٠ من هذا المجلّد.