______________________________________________________
درجاتهم المعنوية ، وتوهم أن هذه الأمور مما يحط من منزلتهم ولم يعلم أن تلك الأمور مما يزيد في مراتبهم ويضاعف قربهم ودرجاتهم ولذاتهم الروحانية ، وأنهم عرفوا الدنيا وزهدوا فيها واجتووا (١) لذاتها ونعيمها وكان نظره مقصورا على اللذات الجسمانية الدنية الفانية فلذا أراه عليهالسلام ذلك لأنه كان ذلك مبلغه من العلم وأما كيفية رؤيته لها فهي محجوبة عنا ، والنظر فيها لا يهمنا لكن يخطر لنا بقدر فهمنا وجوه :
الأول : أنه تعالى أوجد في هذا الوقت لإظهار إعجازه عليهالسلام هذه الأشياء في الهواء فرآه ليعلم أن أمثال هذه الأمور لتسليمهم ورضاهم بقضاء الله وإلا فهم يقدرون على أمثال هذه الأمور العظيمة وإمامتهم الواقعية وقدرتهم العلية ونفاذ حكمهم في عوالم الملك والملكوت وخلافتهم الكبرى ، لم تنقص بما يرى فيهم من المذلة والمظلومية والمقهورية.
الثاني : أن تلك الأشكال أوجدها الله في حسه المشترك إيذانا بأن اللذات الدنيوية مثل تلك الخيالات الوهمية عندنا كما يرى النائم أشياء في منامه فيلتذ كالتذاذه في اليقظة ولذا قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.
الثالث : أنه عليهالسلام أراه صور اللذات الروحانية التي معهم دائما بما يوافق فهمه فإنه كان في منام طويل وغفلة عظيمة عن درجات العارفين ولذاتهم ، كما يرى النائم العلم بصورة الماء الصافي واللبن الثقيق (٢) والمال بصورة الحية وأمثال ذلك ، وهذا قريب من السابق وهما على مذاق الحكماء والمتألهين.
الرابع : ما حققته في بعض المواضع وملخصه أن النشئات مختلفة ، والحواس في إدراكها متفاوتة ، كما أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يرى جبرئيل وسائر الملائكة عليهمالسلام ، والصحابة لم يكونوا يرونهم ، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يرى الأرواح في
__________________
(١) أي كرهوا.
(٢) كذا في الأصل ، وفي نسخة « العقيقي » والكلمة مصحّفة.