.................................................................................................
______________________________________________________
وأما الحديث بأن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، فالمعنى فيه أن الأرواح التي هي الجواهر البسائط تتناصر بالجنس ، وتتخاذل بالعوارض ، فما تعارف منها باتفاق الرأي والهوى ائتلف ، وما تناكر منها بمباينة في الرأي والهوى اختلف ، وهذا موجود حسا ومشاهد ، وليس المراد بذلك أن ما تعارف منها في الذر ائتلف كما يذهب إليه الحشوية كما بيناه من أنه لا علم للإنسان بحال كان عليها قبل ظهوره في هذا العالم ، ولو ذكر بكل شيء ما ذكر بذلك فوضح بما ذكرناه أن المراد بالخبر ما شرحناه والله الموفق للصواب ، انتهى.
وأقول : طرح ظواهر الآيات والأخبار المستفيضة بأمثال تلك الدلائل الضعيفة والوجوه السخيفة جرأة على الله وعلى أئمة الدين ، ولو تأملت فيما يدعوهم إلى ذلك من دلائلهم وما يرد عليها من الاعتراضات الواردة لعرفت أن بأمثالها لا يمكن الاجتراء على طرح خبر واحد فكيف يمكن طرح تلك الأخبار الكثيرة الموافقة لظاهر الآية الكريمة بها وبأمثالها ، وقد أوردنا الأخبار الدالة على تقدم خلق الأرواح على الأجساد في كتاب السماء والعالم من كتابنا الكبير وتكلمنا عليها هناك.
ومنها : ما ذكره السيد المرتضى رضياللهعنه في قوله تعالى : « وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ » الآية ، حيث قال : وقد ظن بعض من لا بصيرة له ولا فطنة عنده ، أن تأويل هذه الآية أن الله تعالى سبحانه استخرج من ظهر آدم عليهالسلام جميع ذريته وهم في خلق الذر ، فقررهم بمعرفته وأشهدهم على أنفسهم ، وهذا التأويل مع أن العقل يبطله ويحيله ، مما يشهد ظاهر القرآن بخلافه ، لأن الله تعالى قال : « وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ » ، ولم يقل من آدم ، وقال « مِنْ ظُهُورِهِمْ » ، ولم يقل : من ظهره ، وقال « ذُرِّيَّتَهُمْ » ، ولم يقل : ذريته ، ثم أخبر تعالى بأنه فعل ذلك لئلا يقولوا يوم القيامة إنهم كانوا عن ذلك غافلين ، أو يعتذروا بشرك آبائهم وأنهم نشأوا على دينهم وسنتهم ، وهذا يقتضي أن الآية لم تتناول ولد آدم عليهالسلام لصلبه ، وأنها إنما