.................................................................................................
______________________________________________________
تناولت من كانت له آباء مشركون ، وهذا يدل على اختصاصها ببعض ذرية بني آدم فهذه شهادة الظاهر ببطلان تأويلهم.
فأما شهادة العقول فمن حيث لا تخلو هذه الذرية التي استخرجت من ظهر آدم عليهالسلام وخوطبت وقررت من أن تكون كاملة العقول ، مستوفية لشروط التكليف أو لا تكون كذلك ، فإن كانت بالصفة الأولى وجب أن يذكر هؤلاء بعد خلقهم وإنشائهم وإكمال عقولهم ما كانوا عليه في تلك الحال ، وما قرروا به واستشهدوا عليه لأن العاقل لا ينسى ما جرى هذا المجرى وإن بعد العهد وطال الزمان ولهذا لا يجوز أن يتصرف أحدنا في بلد من البلدان وهو عاقل كامل فينسى مع بعد العهد جميع تصرفه المتقدم وسائر أحواله.
وليس أيضا لتخلل الموت بين الحالين تأثير ، لأنه لو كان تخلل الموت يزيل الذكر لكان تخلل النوم والسكر والجنون والإغماء بين أحوال العقلاء يزيل ذكرهم لما مضى من أحوالهم ، لأن سائر ما عددناه مما نفي العلوم يجري مجرى الموت في هذا الباب ، وليس لهم أن يقولوا إذا جاز في العاقل الكامل أن ينسى ما كان عليه في حال الطفولية جاز ما ذكرنا ، وذلك أنا إنما أوجبنا ذكر العقلاء لما ادعوه إذا كملت عقولهم من حيث جرى عليهم وهم كاملو العقل ، ولو كانوا بصفة الأطفال في تلك الحال لم توجب عليهم ما أوجبناه ، على أن تجويز النسيان عليهم ينقض الفرض في الآية ، وذلك أن الله تعالى أخبر بأنه إنما قررهم وأشهدهم لئلا يدعوا يوم القيامة الغفلة عن ذلك وسقوط الحجة عنهم فيه ، وإذا جاز نسيانهم له عاد الأمر إلى سقوط الحجة عنهم وزوالها ، وإن كانوا على صفة الثانية من فقد العلم وشرائط التكليف قبح خطابهم وتقريرهم وإشهادهم ، وصار ذلك عبثا قبيحا يتعالى الله عنه.
فإن قيل : قد أبطلتم تأويل مخالفيكم فما تأويلها الصحيح عندكم؟
قلنا : في الآية وجهان « أحدهما » أن يكون تعالى إنما عني بها جماعة من ذرية