.................................................................................................
______________________________________________________
وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ » (١).
الثانية عشر : قوله تعالى : « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ » (٢) فلو كان القول بهذا الذر صحيحا لكان ذلك الذر هو الإنسان لأنه هو المكلف المخاطب المثاب المعاقب ، وذلك باطل لأن الذر غير مخلوق من النطفة والعلقة والمضغة ، ونص الكتاب دليل على أن الإنسان مخلوق من النطفة والعلقة والمضغة ، وهو قوله : « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ » وقوله : « قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ » (٣).
فهذه جملة الوجوه المذكورة في بيان أن هذا القول ضعيف.
والقول الثاني في تفسير هذه الآية قول أصحاب النظر وأرباب المعقولات أنه أخرج الذر وهم الأولاد من أصلاب آبائهم ، وذلك الإخراج أنهم كانوا نطفة ، فأخرجها الله تعالى في أرحام الأمهات وجعلها علقة ثم مضغة ثم جعلهم بشرا سويا وخلقا كاملا ، ثم أشهدهم على أنفسهم بما ركب فيهم من دلائل وحدانيته وعجائب خلقه وغرائب صنعه ، فبالإشهاد صاروا كأنهم قالوا بلى ، وإن لم يكن هناك قول باللسان ، ولذلك نظائر منها قوله تعالى : « فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ » (٤) ومنها قوله تعالى : « إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » (٥) وقول العرب : قال الجدار للوتد لم تشقني؟ قال : سل من يدقني فإن الذي ورائي ما خلاني ورائي وقال الشاعر : « امتلاء الحوض وقال قطني ».
وهذا النوع من المجاز والاستعارة مشهورة في الكلام ، فوجب حمل الكلام عليه فهذا هو الكلام في تقرير هذين القولين ، وهذا القول الثاني لا طعن فيه البتة ، وبتقدير أن يصح هذا القول لم يكن ذلك منافيا لصحة القول الأول ، إنما الكلام في
__________________
(١) سورة الغافر : ١١.
(٢) سورة المؤمنون : ١٢.
(٣) سورة العبس : ١٧.
(٤) سورة فصّلت : ١١.
(٥) سورة النحل : ٤٠.