قال المسوّر بن مخرمة : فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسمعته حين تشهّد قال : أمّا بعد ، فاني أنكحت أبا العاص فحدثني فصدقني ، وان فاطمة بنت محمد بضعة مني وانا أكره ان يفتنوها (١) ، وانها والله لا تجمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله عند رجل واحد أبدا.
فترك عليّ الخطبة. (٢)
__________________
(١) كتب في هامش نسختنا : في حاشية الاصل ما يلي : في الاصل : يسؤها.
(٢) ورواه احمد بن حنبل في الفضائل ح ١٣٢٩ وباسناده عن ابي اليمان في المسند ج ٤ ص ٣٢٦ وباسناده عن وهب في ص ٣٢٦ بلفظ يقرب منه وكذا في الحديث ١٣٣٤ من فضائل الصحابة. ، واخرجه البخاري في صحيحه ج ٧ ص ٨٥ ومسلم في صحيحه ٤ / ١٩٠٣ عن ابي اليمان ، وابو داود في سننه ج ٢ ص ٢٢٥ عن الزهري.
وهذا الحديث ـ وان كثرنا قلوه من العامة ـ فهو منحصر بهم ولم نر فيه ولا طريقا صحيحا واحدا من الخاصة ، وهو بظاهره مناف لما كان عليه امير المؤمنين (ع) من طاعته للرسول وعدم مخالفته له حتى في أبسط الامور فكيف يعمل ما يوجب اذى الرسول (ص)؟!
والمشهور بين المحدثين ان الرسول (ص) قال : « فاطمة بضعة مني » على ما رواه اكثر المحدثين ـ بعبارات مختلفة ـ الآن ان دمج هذا القول بقصة مفتعلة للحط من كرامة امير المؤمنين عليهالسلام قد جنّد الغيارى على التراث للدفاع عن الامام (ع) ومنهم السيد المرتضى علم الهدى (ره) في كتابه : « تنزيه الأنبياء » وخلاصة ما قاله (ره) : ان هذا الخبر موضوع قد تفرد به راو واحد هو الكرابيسي طاعنا به على أمير المؤمنين (ع) وفيه ما يشهد العقل بكذبه وبطلانه وهو امور.
منها : ان النبيّ (ص) لا ينكر ما اباحه الاسلام ، فللرجل ان يتزوج أربعا فكيف ينكر الرسول هذا المباح ويعلن بذلك على المنابر.
ومنها : ان هذا الخبر يتضمّن الطعن على النبي (ص) لانه انما زوّج فاطمة (ع) من امير المؤمنين بعد ان اختار الله لها ذلك ، ومن المعلوم ان الله لا يختار لها من بين الخلائق من يؤذيها ويغمّها ، وهذا أدل دليل على كذب القصة.
ومنها : انه لم يعهد من أمير المؤمنين (ع) خلاف على الرسول (ص) ولا كان ـ قطّ ـ بحيث يكره الرسول (ص) ـ على طول الصحبة ـ ، فكيف يتصور منه المخالفة له في هذا الموضوع.
ومنها : انه لو صحّ ذلك لانتهزه الاعداء من بني أميّة واتباعهم للطعن به على امير المؤمنين (ع) في حين انا لم نعثر على من روى هذه القصّة غير الكرابيسي. الى غير ذلك مما هو مسطور في كتاب السيد