وقد خرجت في فترة الغيبة الصّغرى من ناحيته المقدّسة أخبار وتواقيع مؤكّدة تأمر شيعته ومواليه بتلقّي أحكام دينهم ودنياهم من الفقهاء الصّالحين المنوبين عنه ـ أرواحنا فداه ـ بالنيابة العامّة ، وتحثّهم على اتّباعهم ، وتدعو الى الالتفاف حولهم ، كما في قوله ـ عجّل الله فرجه الشريف ـ : « من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً لهواه ، مطيعاً لأمر مولاه فللعوامّ أن يقلّدوه » ـ (١) وما في قوله صلوات الله وسلامه عليه ـ : « وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله » (٢) ، فمن هنا وانطلاقاً من هذين الأمرين الإرشاديّين نشأت فكرة الإجتهاد والتقليد ، طبقاً لما تمليه الضّرورة في زمن الغيبة ، حيث انقطاع الاتصال المباشر بالمعصوم عليهالسلام.
والنتيجة : أنّ باب الإجتهاد والتقليد لدى المؤمنين ظلّ مفتوحاً وسيكون كذلك إلى أن يقضي الله ـ تعالى ـ لعباده المؤمنين
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة ج ٢٧ / ١٣١ ، الاحتجاج ج ٢ /٢٦٣ ، بحار الأنوار ج ٢ / ٨٨
(٢) وسائل الشيعة ج ٢٧ / ١٤٠ ح ٩ ، الفصول العشرة ( المفيد ) : ١٠ ، الغيبة ( الطوسي ) : ٢٩١ ، الاحتجاج ج ٢ / ٢٨٣ ، الخرائج والجرائح ج ٣ / ١١١٤ ضمن ح ٣٠.