ففاعل القدرة ـ وهو الله تعالى ـ فاعل للفعل ، لأنّه ـ تعالى ـ حين أعطانا القدرة على الإرادة والتّصميم ، والقدرة على القيام بالفعل فقد أوجد الفعل وخلقه ، هذا ما أشير إليه في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّما الأعمال بالنّيّات ، وليس لامرىءٍ إلا ما نوى » (١) وقوله ـ تعالى ـ : ( وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ) (٢) ، وليس الاختيار سوى القدرة على اتّخاذ القرار ، والعمل من آثار هذه القدرة ونتائجها ، ولا يكون سعيه إلا في حدود إرادته ، إذ العمل مرهون بالإرادة واتّخاذ القرار ، فهو يعاقب حينئذ على هذا القصد وهذه النّيّة وهذه الإرادة ، طبعاً إذا انبثق عنها الفعل ، وصدر منه الفعل المخالف لأمر الله ونهيه ، نعم زمام اُمور هاتين القدرتين ، أعني القدرة على الارادة واتخاذ القرار ، والقدرة على الإتيان بالفعل ، بيده ـ تعالى ـ آناً فآناً ، يوجدهما متى شاء وأين شاء وكيف شاء ، وإن شاء ، لا تخرجان من حيطة قدرته وإرادته ـ تعالى ـ ، وعليه فلا معنى حينئذٍ لسلب الاختيار من الإنسان ، فهو مختار في فعله يستحقّ عليه العقاب ، كما يستحقُّ الأجر والثواب ، وظهر من هذا أنْ لا
__________________
(١) المحلى (ابن حزم ) ج ٦ / ١٦٠ ، مسائل علي بن جعفر ص ٣٤٦ ، وسائل الشيعة ج ١ / ٤٩ ح ١٠.
(٢) سورة النجم : ٣٩.