منافاة بين قوله ـ تعالى ـ : ( وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (١) ، وبين قوله ـ تعالى ـ : ( إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) (٢) لأنّه قادر على إرادة أن يكون شاكراً وأن يكون كفوراً ، على حدّ سواء ـ وإن كانت إرادة الشكوريّة أوفق لفطرته ، إلا أنّ إرادة الكفوريّة أوفق لطبيعته وغريزته الحيوانيّة ـ ، وقادر أيضاً على فعل الشكر والطّاعة وفعل الكفر والمعصية. إن شاء الله تعالى ـ ، ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (٣).
وأمّا القضاء والقدر الإلهيّان : فمعنى القدر في اللُّغة العربيّة المقدار ، من قبيل الأوزان والمقادير والأحجام ، والتقدير الإلهي معناه ، أن الله ـ تعالى ـ جعل ورسم لكل مخلوق من مخلوقاته حدوداً كميةً وكيفيّةً وزمانيةً ومكانيّةً خاصّة معيّنة ، لا تتحقّق إلا بتأثير من العلل والأسباب والعوامل التدريجيّة.
ومعنى القضاء الإلهي : إيجاد وخلق الشيء بعد أن اكتملت و تهيّئت كافّة علل وجوده ومقدّماته وأسبابه وشرائطه ، المادّيّة منها والمجرّدة ، ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ
__________________
(١) سورة الصافّات : ٩٦.
(٢) سورة الإنسان : ٣.
(٣) سورة سبأ : ١٣.