سَاجِدِينَ ) (١) ، فالقضاء هو الحكم التكويني الأخير الّذي يسمّى الجزء الأخير من العلّة ، وهو أهمّ أجزائها ، ولولاه لم يوجد الشيء بالغاً ما بلغ حتى لو اكتملت كافّة الأسباب والمقدّمات والشرائط ، وإن كان إيجاد تلك المقدمات والشرائط والأسباب من صنع الله أيضاً ، وقد أوضح ذلك في قوله ـ تعالى ـ : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) (٢) وهذا الإنشاء الآخر عبارة عن القضاء الإلهيّ ، وهو القضاء التكويني.
وعليه فالتقدير الإلهي يأتي قبل القضاء الإلهي ، وله أيضاً مراتب تدريجيّة عبارة عن المقدّمات البعيدة والمتوسّطة والقريبة ، كما في المراتب والمقدمات التي وردت في الآية الشريفة عن خلق الإنسان ، وأيضاً يتغيّر التقدير بتغيير شيء من أسبابه وعوامله ومقدّماته ، مثلاً قد يحدث تغيير في مراحل خلق الإنسان وتقديره بحيث يؤدي الى سقطه وهو جنين قبل أن يصبح
__________________
(١) سورة الحجر : ٢٩ ، سورة ص : ٧٢.
(٢) سورة المؤمنون : ١٢ ـ ١٤.