أمير المؤمنين عليهالسلام كان مستنداً إلى جدار فتنحّي عنه ، فقال له أحد أصحابه : أتفرُّ من قضاءِ الله ؟! فأجاب عليهالسلام : « فررت من قضاء الله إلى قدره » (١).
والأفعال التي تصدر من الإنسان كُلُّها معلولة للقضاء الإلهي ومتوقّفة عليه ، ولكن هذا لا ينافي كون الإنسان مخيّراً في فعله لما ذكرنا سابقاً من أنّ الله ـ تعالى ـ منحه الإرادة والقدرة على إيجاد فعله ولكن لمّا كان أصل وجود الإنسان ، ووجود الموادّ الدَّخيلة في فعله ، والأدوات والآلات وجميع ما يحيط بفعله موجودة بوجوده ـ تعالى ـ مخلوقة له ـ تعالى ـ قائمة به ـ تعالى ـ فإنّ الفعل في مرتبة أدني منسوب الى الإنسان واختياره التام ، وفي مرتبة أعلى وبلحاظ أدقّ وأسمى منسوب الى الله ـ تعالى ـ ، وهذا لا ينافي كون الانسان مختاراً ، لأن التأثير الذي هو إرادة الإنسان باعتبار كونها الجزء الأخير من العلّة التّامّة في فعله ، لا ينافي استناد جميع أجزاء العلَّة التّامّة إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ ، ولهذا قال الصادق عليهالسلام : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين » (٢)
__________________
(١) توحيد الصدوق : ٣٦٩ ، بحار الأنوار ج ٤١ / ٢ ح ٣.
(٢) الهداية للصدوق : ص ١٨ ، الكافي ج ١ / ١٦٠ ح ١٣ ، عيون اخبار الرضا ج ٢ / ١١٤ ، توحيد الصدوق : ص ٢٠٦. بحار الأنوار ج ٥ / ١٢ وص ١٧ ح ٢٧.