١٥ ـ « وصف الأعراض بصفة من قامت به ، كقوله تعالى : ( فإذا عزم الأمر ) (١) ، والعزم صفة لذوي الأمر. وقوله تعالى : ( فما ربحت تجارتهم ) (٢) وصف التجارة ، وهو صفة للتاجر ».
وهذا من المجاز العقلي في الآيتين الكريمتين :
فالمراد من الآية الأولى ـ والله العالم ـ عزم ذوي الأمر على تنفيذ الأمر ، فليس للأمر إرادة على العزم ، وليس العزم مما يسند فعله الى الأمر ، وفي الآية الثانية : الربح مجازي فيها ، ولا يراد به الزيادة على رأس المال في المتاجرة ، والتجارة فيها مجازفة ، فلا يراد بها المعاملات السوقية في شتى البضائع. وإنما المراد بالربم تحقيق المعنى المجازي منه بالفائدة المتوخاة في إنفاق الأعمار وعدم خسرانها ، والمراد بالتجارة المعنى المجازي منها بالإثابة والمثابرة وصالح الأعمال ، وهذا إنما يدرك بأحكام العقل من خلال إسناد الجملة ، فهو هناكما في الآية الأولى : مجاز عقلي.
١٦ ـ الكنايات كقول طرفة :
ولست بحلال التلاع مخافة |
|
ولكن متى يستــرفد القوم أرفد |
وقد أقر أن هذا من الكناية وعقب عليه بقوله :
« والظاهر أن الكناية ليست من المجاز ، لأنك استعملت اللفظ فيما وضع له ، وأردت به الدلالة على غيره ، ولم تخرجه عن أن يكون مستعملا فيما وضع له » (٣).
وبعد هذه الجولة مع توجيهات صاحب الإشارة الى الإيجاز « فمجاز اللزوم » لا لزوم له ، لأنه ـ كما رايت ـ إما أن يكون خارجا من باب المجاز ، وإما أن يكون تفريعا عن شقي المجاز ، كما يبدو هذا من التعقيل على كل نوع من أنواعه.
__________________
(١) محمد : ٢١.
(٢) البقرة : ١٦.
(٣) عز الدين بن عبد السلام ، الإشارة الى الإيجاز : ٨٥.