ضوئه ، والإسناد يعرف بطرفيه ، وهذان الطرفان في المجاز العقلي في القرآن لهما صيغ مختلفة تحدد بما يأتي :
أ ـ الطرفان حقيقيان : ولا علاقة لهما بالمجاز منفردين إلا بضم بعضهما الى البعض الآخر كقوله تعالى : ( وأخرجت الأرض أثقالها (٢) )(١).
فإن الإخراج حقيقي ، والأرض حقيقة ، ولا مجاز بهما وحدهما ، ولكن المجاز العقلي مستنبط من أقترانهما ، وبإسناد الإخراج الى الأرض ، لأن المخرج حقيقة هو الله تعالى ، وليس للأرض قابلية الإخراج ، فلا إرادة لها ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، فلما أسند لها الإخراج علمنا ضرورة بمجازية الأستعمال إسنادا بحكم العقل.
ب ـ الطرفان مجازيان : نحو قوله تعالى : ( فما ربحت تجارتهم ... ) (٢).
فالربح هنا مجازي ، ولا يراد به الزيادة على رأس المال في بيع البضائع ، والتجارة هنا مجازية ، فلا يراد بها المعاملات السوقية ، وإنما المراد بالربح تحقيق المعنى المجازي منه بالفائدة وعدم خسران الأعمار ، والمراد بالتجارة المعنى المجازي منها بالإنابة وصالح الأعمل.
ونظير هذا المجاز العقلي في طرفيه المجازيين كثير في القرآن الكريم ، ومن أبرز مظاهره في مثالين بآية واحدة قوله تعالى : ( أُولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين (١٦) )(٣).
فالشراء هنا مجازي ، ولا يراد به إجراء العقد في إنجاز صفقات البيع ، والضلالة وإن كانت حقيقة ، إلا أنها ليس مما يشترى بالهدى ، ولا مما يباع به ، وكلا الإسنادين مجازي ، وبقية الآية تقدم فيها الكلام.
وكذلك قوله تعالى : ( بئسما اشتروا به أنفسهم ... ) (٤).
ج ـ الطرفان مختلفان كقوله تعالى : ( تؤتي أُكلها كلّ حين ) (٥).
__________________
(١) الزلزلة : ٢.
(٢) (٣) البقرة : ١٦.
(٤) البقرة : ٩٠.
(٥) إبراهيم : ٢٥.