هذه الحيثية فلا يكون داخلا في علم المعاني. وإلا فالحقيقة والمجاز اللغويان أيضا من أحوال المسند إليه أو المسند » (١).
وأما المجاز اللغوي فلا يختلف إثنان بأنه الأصل الموضوعي للمجاز ؛ ولما كان المجاز اللغوي ـ كما أسلفنا ـ ذا فرعين في التقسيم البلاغي ، لأن مجاله رحاب اللغة في مرونة الاستعمال ، وصلاحيتها في الانتقال من معنى مع وجود القرينة الدالة على المعنى الجديد لوجود المناسبة بينه وبينها ، وتوافر الصلة بين المعنى الأولي والمعنى الثانوي ، فأن كانت العلاقة المشابهة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي ؛ فهو الاستعارة. ولا حديث لنا معها إلا لماما لأن التفريق الدقيق يقتضي رصدها بمفردها ، لأنه حقيقة بذاتها ، فهي استعارة وكفى ، وإن لم يكن العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي هي المشابهة ؛ فهو المجاز المرسل ، وحديثنا عن المجاز اللغوي حديث عنه ، وحديثنا عن المجاز القرآني سيكون مقتصرا عليه وعلى المجاز العقلي. لأننا قد وجدنا القرآن بحق قد استوعب نوعي المجاز العقلي واللغوي لدى التنظير ، أو عندما تستخرج جواهرها من بحره المحيط.
وسنقف عند هذين النوعين وقفة الراصد المتأني ، بعد أن نعطي صورة واضحة بقدر المستطاع عن الخصائص الفنية في مجاز القرآن بعامة.
__________________
(١) التفتازاني ، المطول : ٥٤.